ترامب وخرافة الثلاثة آلاف عام

64 مشاهدة

في خضم عامين من حرب الإبادة على قطاع غزة، بدعم سياسي وعسكري مباشر من الولايات المتحدة، شهد الخطاب السياسي لتل أبيب وواشنطن تصعيداً غير مسبوق في استدعاء الرموز الدينية التوراتية والتلمودية، بصورة علنية وعلى ألسنة قادة في أعلى هرم السلطة. في هذا السياق، برز الرئيس الأميركي دونالد ترامب، إلى جانب فريقه الذي لا يُخفي مرجعيّاته العقائدية، ليؤكد على مركزية الدين في فهم العلاقة مع دولة الاحتلال، واعتبار دعمها مسألة مقدّسة.

استعاد ترامب ومبعوثوه مصطلحات مثل يهودا والسامرة في الإشارة إلى الضفة الغربية المحتلة، وأعادوا طرح سرديات دينية قديمة لتبرير سياسات استعمارية حديثة، في مشهد يُعيد التذكير بمفهوم إسرائيل الكبرى الذي لا يهدد وجود الشعب الفلسطيني وحقوقه التاريخية فقط، بل يتجاوز ذلك إلى حدود توسعية، كما في الإشارات المتكررة والفجة إلى ضم أراض عربية عدة. ما يلفت الانتباه، هو إصرار ترامب أخيراً على تكرار عبارة ثلاثة آلاف عام من غياب السلام، في محاولة لربط حاضر فلسطين بماضٍ ديني غامض، دون أي إقرار بالسياق السياسي الحقيقي المستمر منذ أكثر من سبعة عقود. هذا التوظيف الشعبوي للأساطير والخرافات، وبينها تبرير الجرائم باسم الوعد الرباني، يعكس انحيازاً أيديولوجياً يتجاهل جذور الاضطهاد الحديث، كما في التطهير العرقي منذ النكبة الفلسطينية عام 1948، واستمرار احتلال أراضي عام 1967، وفداحة تبني التمييز العنصري، ورفض الامتثال للقانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة.

تغليف العنف والإبادة بلغة دينية لا يبرر الجرائم، بل يكرّس خطاباً متطرّفاً يعتبر الفلسطينيين بقايا مستعمرين عرب يجب التخلص منهم، وفقاً لقراءات الفكر الصهيوني المتطرف. وهذا ما نراه جلياً في تصريحات شخصيات نافذة مثل السفير الأميركي في إسرائيل مايك هاكابي، وصهر ترامب ومبعوثه جاريد كوشنر، وصديق ترامب مجرم الحرب بنيامين نتنياهو؛ رئيس حكومة الاحتلال. تشرعن تصريحاتهم العدوان، وتبرر سياسات التطهير العرقي باستخدام استعارات توراتية تحوّل الفلسطيني إلى همجي أو حيوان بشري، وفق تعبيراتهم المتعجرفة والجاهلة. ما تسوّقه إدارة ترامب ليس بحثاً عن سلام، بل هو إعادة إنتاج لخطاب استعماري مغلف بالديني-الخرافي، لا يمتّ إلى الحقائق التاريخية بصلة،

ارسال الخبر الى:

ورد هذا الخبر في موقع العربي الجديد لقراءة تفاصيل الخبر من مصدرة اضغط هنا

اخر اخبار اليمن مباشر من أهم المصادر الاخبارية تجدونها على الرابط اخبار اليمن الان

© 2016- 2025 يمن فايب | تصميم سعد باصالح