ترامب في وثائقيات الجحيم الذي ينتظرنا إن لم يصبح رئيسا
٢٦ مشاهدة
تصنف الأفلام الوثائقية على أنها ترسانة متكاملة في الحروب الناعمة في عصرنا الحديث ويبدو أنها تزدهر في الحروب منخفضة المستوى أو الباردة ذلك لقدرة القائمين عليها مصور أو مخرج أو مراسل إلخ على التنقل في المساحة الجغرافية لبيئة الأحداث التي تهمه ولكل مؤسسة إعلامية أو شركة إنتاج خصوصا في الغرب قسم وثائقي مستقل تحارب به منافسيها وترضي الممولين والداعمين تصاعدت أخيرا وتيرة الأفلام الأميركية السياسية قبل وخلال وبعد الانتخابات الرئاسية وهذا يحدث دائما حينما تبدأ القنوات بدفع أفلامها الوثائقية إلى المنصات للحشد تجاه ناخب معين وما يحمله من قضايا أو قضية بعينها ولأن منصات البث تتيح لنا ما لا يمكن لوقتنا استهلاكه وفيه الغث أكثر من السمين بكثير اخترنا ثلاثة أفلام وثائقية أتت من أقصى اليمين المتطرف لتتصدر منصات البث وتحتفل بعودة ترامب إلى البيت الأبيض المثير في فيلم المنتجة والمخرجة ماريان محمد Trump The Criminal Conspiracy Case الذي صدر أخيرا بإنتاج شركة 72 Films أنها تحاول على مدى التسعين دقيقة للعرض تقديم صوت محايد لقضية تزوير الانتخابات عام 2020 التي حركها ترامب يبدأ العمل بعد خسارته لولاية جورجيا بفارق ضئيل بلغ 11 ألفا و780 صوتا ومحاولات ترامب الجريئة لقلب نتيجة الانتخابات الأميركية وكيف أدت تلك المحاولات إلى اعتقاله ومحاكمته التي انتهت بحكم براءة له من كل الاتهامات الموجهة إليه القضية بدأت عندما فتح ترامب قاموس مصطلحاته الشعبوية وبدأ حديثه عن المؤامرة التي تحيكها فنزويلا وكوبا والصين كونها شيوعية ضده وضد الشعب الأميركي واتهام شركة تصنيع أجهزة التصويت بأنها تلاعبت بالرقائق التي تتحكم بالأجهزة ولم يتوقف عن اتهام جميع أعضاء حزبه بمن فيهم نائب الرئيس وانتهت محاولاته بعد أن قال واحدة من جمله الشهيرة لقد انتصرت بالانتخابات فقط أعطوني الأصوات تابعت ماريان محمد عبر مقابلات مطولة مع أعضاء حزبه الأوفياء كيف تعرضوا جميعهم إلى تهديدات وتحرش ومضايقات لأنهم لم ينفذوا طلبات ترامب التي تتجاوز القوانين جميعها في نهاية العمل يعرض مقطع لترامب من إحدى حملاته الانتخابية وهو يقول أنا محاربك أنا انتقامك وكأنه لم يدرك أن اختبارات الأداء لفيلم Gladiator قد انتهت أما في فيلم Stopping The Steal الذي صدر أخيرا بتوقيع المخرج البريطاني دان ريد إنتاج HBO فيعتبر أن انتخابات الرئاسة الأميركية هي منارة الحرية للكوكب ويحمل على عاتقه تتبع حملة أوقفوا السرقة شعار أولئك الذين اعتقدوا أن ترامب فاز حقا وأن الانتخابات سرقت منه والتي كان ترامب قد بدأ بالحديث عنها من قبل بداية انتخابات 2020 يعتقد ريد أن أميركا مرت باختبار صعب حينها وأثبت شعبها أنه وفي لدستوره وأن من يهدد المشرفين في الولايات كلها على الانتخابات ليسوا سوى شذاذ آفاق ومختلين نفسيين يبحثون عن الشهرة وكان آخرهم رايان روث الذي حاول اغتيال ترامب وفشل لدان ريد مجموعة من الوثائقيات تدور حول قضايا الإرهاب فالإرهاب بالنسبة له لا يحدث إلا خارج الحدود الأميركية التي تحاول حماية نفسها وتقديم نموذج ديمقراطي قل مثيله يتوقف فيلم ريد عند اقتحام مؤيدي ترامب المتطرفين وهم يحملون سلاحهم المفضل AR 15 ويرتدون الأزياء الغروتسكية لمبنى الكابيتول وتخريبه في السادس من يناير كانون الثاني 2021 هذا الارتباط العضوي بالمناخ السياسي القائم اليوم في أوساط الجمهوريين ساعد على انتشار العمل بقوة أهم ما في الفيلم أنه يرى ويقيم من منظور الجمهوريين فحسب فلا يسمع صوت ديمقراطي أو مستقل واحد ويظهر بايدن في مشهد واحد فقط وهو يهرول على المسرح بعد انتصاره على ترامب يأتي فيلم Trump 2024 The World After Trump الصادر عام 2020 وأعيد بثه قبل الانتخابات بأعلى قائمة الأفلام الأكثر تحيزا وعنصرية وشعبوية أخرجه دوايت تومسون Dwight Thompson وهو صهيوني أنجيلكي قومي متطرف يبدأ الفيلم بمقاطع صوتية لسياسيين وخبراء ومواطنين عاديين في الشوارع يعبرون عن مشاعرهم ومواقفهم المؤيدة والمعارضة تجاه الرئيس تختفي الأصوات المعارضة ويمهد هذا الافتتاح الطريق إلى حججهم ضد العولمة والحكومة الدولية التي من شأنها أن تدمر سيادة الولايات المتحدة الأميركية لاحقا تبدأ المقابلات مع المحافظين والزعماء الدينيين وعدد قليل من الضباط العسكريين المحافظين المتقاعدين لإثبات قضية بطلهم ترامب المشترك في أحاديثهم وحججهم أنها مستندة مباشرة إلى الكتاب المقدس ولا مجال للشك أو النقاش أو التفاوض ويستخرجون منه حججا لكل من يقفون ضد ترامب بداية بالشيوعية مرورا بالجدار الحديدي والإجهاض والهجرة غير الشرعية واتفاقية المناخ العالمي والأمم المتحدة وليس انتهاء بالواجب الديني لانتخاب ترامب هذا العمل تحديدا يتميز بجمباز عقلي وديني قل مثيله ويفرض على المشاهدين جميعا نزع السياق لكل القضايا المطروحة وعلى رأسها الدعم المطلق لإسرائيل يعتمد السرد على الأساطير التلمودية وقصص العهد القديم الذي يبشر بالاختيار الإلهي لترامب وشخصيته الفريدة من نوعها التي ستقودهم إلى حرب هارماجدون يتساءل العديد منهم حول العذر الذي ستقدمه إلى الله إذا لم تنتخب ترامب ويخبروننا بأن العالم على حافة الهاوية وثمة مشهد حقيقي من الجحيم بانتظارنا إذا لم يحصل ترامب على الرئاسة وها هو حصل عليها أخيرا ونحن الذين نعيش في بلاد الكتاب المقدس بانتظار الخلاص الإلهي من هذا التطرف