رسوم ترامب والاضطرابات السياسية تحاصر اقتصاد ألمانيا في 2025
٣٢ مشاهدة
يبدو أن 2025 سيكون عاما فارقا في تاريخ الاقتصاد الألماني الذي يبدو محاصرا بتحديات بالغة الصعوبة على رأسها التنافسية الاقتصادية لاسيما مع عودة الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب إلى البيت الأبيض هذا الشهر والاضطرابات السياسية الداخلية التي تسببت في انهيار الائتلاف الحاكم والتوجه نحو انتخابات مبكرة الشهر المقبل فضلا عن التوترات الجيوسياسية المحيطة ما قد يعمق متاعب ألمانيا ويتسبب في أخطار تتخطى الحدود نظرا لمكانة الاقتصاد الألماني الأكبر في القارة وتظهر العديد من المؤشرات استفحال الضعف في الاقتصاد الذي يوصف بقاطرة أوروبا إذ يتوقع البنك المركزي الألماني نموا بنسبة 0 2 فقط خلال العام الجاري بعد انكماش الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 0 2 العام الماضي 2024 وباتت الكثير من الشركات تواجه ظروفا عصيبة تشبه إلى حد كبير من شهدته خلال الأزمة المالية العالمية قبل نحو 17 عاما وتحت عنوان آفاق متجمدة للاقتصاد الألماني أشار تقرير لمعهد هالي للأبحاث الاقتصادية الألماني IWH نشره على موقعه الإلكتروني اطلعت عليه العربي الجديد إلى أن الصناعة الألمانية تعاني من فقدان القدرة التنافسية الدولية فضلا عن التوقعات غير الواضحة بشأن السياسة الاقتصادية ما يدفع الشركات والمستهلكين إلى الإحجام عن الإنفاق وذكر أوليفر هولتمولر رئيس قسم الاقتصاد الكلي في المعهد أن المشاكل البنيوية مثل ارتفاع أسعار الطاقة في ألمانيا وشيخوخة القوى العاملة ونقص العمالة الماهرة ليست سهلة الحل وهذا يؤدي إلى حالة من عدم اليقين بالإضافة إلى ذلك ازداد عدم اليقين بشأن السياسة الاقتصادية بشكل متزايد كما ظهرت المخاوف بشأن الوظائف حيث توقف نمو العمالة ولفت التقرير إلى أن الشركات الكبرى في قطاع التصنيع أعلنت مؤخرا عن تخفيضات كبيرة في الوظائف وإذا استمرت التقارير عن تخفيضات الوظائف على نطاق واسع فإن التعافي في الطلب الاستهلاكي المتوقع ربما لن يتحقق في 2025 وبالإضافة إلى ذلك فإن الحرب التجارية العالمية من شأنها أن تضرب الاقتصاد الألماني الموجه نحو التصدير بشدة وأخيرا هناك خطر سياسي محلي وفق هولتيمولر قائلا إذا كان من المقرر أن ترتفع الثقة الاقتصادية مرة أخرى فلابد من تشكيل حكومة مستقرة تتمتع بسياسة اقتصادية واضحة لكن لا يوجد ما يضمن حدوث ذلك ومن المقرر أن تشهد ألمانيا انتخابات مبكرة في 23 فبراير شباط المقبل بعدما انهار الائتلاف الحاكم إثر إقالة المستشار الألماني أولاف شولتز زعيم الحزب الاشتراكي الديمقراطي وزير المالية كريستيان ليندنر الذي يتزعم الحزب الليبرالي الشريك في الائتلاف الحكومي وذلك على ضوء خلاف حول سياسات الاقتراض الحكومي ما أدى إلى انسحاب بقية وزراء الحزب الليبرالي من الحكومة وانهيار الائتلاف الحاكم لتدخل البلاد في أزمة سياسية عميقة ويتولى شولتز المستشارية عبر ائتلاف من ثلاثة أحزاب هي الحزب الاشتراكي الديمقراطي والحزب الديمقراطي الحر وحزب الخضر وجاءت الأزمة السياسية الداخلية لتزيد من حالة عدم اليقين في السياسات الاقتصادية الحكومية بينما يشهد الاقتصاد في السنوات الأخيرة ضغوطا كبيرة زادت معه حالات الإفلاس بين الشركات ووفق شتيفن مولر رئيس قسم أبحاث الإفلاس في معهد هالي للأبحاث الاقتصادية فإن حالات إفلاس الشركات في ألمانيا ارتفعت إلى مستويات مماثلة للأزمة المالية في عام 2009 وقال مولر في وقت الأزمة المالية عام 2009 كان لدينا حوالي 1400 شركة معسرة شهريا والآن وصلنا إلى هذا المستوى مرة أخرى وأشار مولر إلى أن عدد الشركات الصغيرة المفلسة في ذلك الحين كان مماثلا لعدد الشركات الكبيرة المفلسة لكن عدد الشركات الأكبر حجما الأكثر إفلاسا اليوم ما يعني فقدان المزيد من الأصول الاقتصادية في عملية الإفلاس في السياق أكد تقرير صادر عن وكالة الائتمان كريديت ريفورم في ديسمبر كانون الأول الماضي هذا الاتجاه حيث أظهر أن حالات الإفلاس بين الشركات الألمانية وصلت في عام 2024 إلى أعلى مستوى لها منذ عام 2015 وفق ما نقلت وكالة أسوشيتدبرس أمس الاثنين وإجمالا تم تسجيل حوالي 121 ألفا و300 حالة إفلاس في ألمانيا عام 2024 من بينها حالات إفلاس أفراد وغيرها ما يعني زيادة بنسبة 10 6 مقارنة بعام 2023 وقال باتريك لودفيش هانتسش رئيس الأبحاث الاقتصادية في كريديت ريفورم إن أزمات السنوات الأخيرة تضرب الشركات الآن بفارق زمني معين في شكل حالات إفلاس هذا يعني أن أرقام الإفلاس قد تكون قريبا على قدم المساواة مع المستويات القياسية لعامي 2009 و2010 عندما أفلست أكثر من 32 ألف شركة في السياق أشار تحليل لـبلومبيرغ إنتليجنس إلى مخاطر يواجهها الاقتصاد الألماني بما في ذلك الانكشاف المرتفع للعديد من القطاعات لاسيما السيارات على الصين والانتخابات المبكرة المقرر إجراؤها الشهر المقبل والتي قد تغير المشهد السياسي المحلي وقدوم التعريفات الجمركية الأميركية المحتملة في عهد ترامب الذي من المقرر أن يتم تنصيبه رئيسا في 20 يناير كانون الثاني الجاري وفي حال تعمقت حالة الضعف التي يشهدها الاقتصاد الألماني خلال العام الجاري فإن تداعيات ذلك ستطاول أوروبا لاسيما أنه يوصف بقاطرة القارة العجوز بجانب فرنسا التي تشهد أيضا أزمة سياسية محلية وضغوطا مرتقبة بفعل رسوم ترامب وفي ديسمبر كانون الأول الماضي قال رئيس البنك المركزي الألماني خواكيم ناغل إن الاقتصاد الألماني لا يعاني من رياح اقتصادية معاكسة مستمرة فحسب بل يعاني أيضا من مشاكل هيكلية مسلطا الضوء على القطاع الصناعي على وجه الخصوص وحذر ناغل من أن الرسوم التجارية التي هدد ترامب بتطبيقها تخاطر بتهديد مسيرة اقتصاد ألمانيا ويتوقع أن تعود العلاقات عبر الأطلسي بين الولايات المتحدة وأوروبا إلى التوتر الذي اتسمت به خلال فترة ولاية ترامب الأولى 2017 2021 وقد يخلف التهديد بزيادة الرسوم الجمركية على واردات السوق الأميركية من القارة تداعيات اقتصادية قاسية ويقوض الثقة ويشكل تعزيز القدرة التنافسية لاقتصاد الاتحاد الأوروبي قضية ساخنة أخرى في أجندة التكتل خلال العام الجديد حيث يتخلف الاتحاد على نحو متزايد عن الولايات المتحدة والصين خاصة في مجالات التكنولوجيا المتطورة والابتكار ومن المتوقع أن تنشر المفوضية الأوروبية ما يعرف بـ بوصلة التنافسية في 15 يناير كانون الثاني الجاري اعتمادا على ثلاث ركائز تضمنها تقرير أصدره الرئيس السابق للبنك المركزي الأوروبي ورئيس الوزراء الإيطالي السابق ماريو دراجي في شهر سبتمبر أيلول الماضي وتتمثل هذه الركائز في سد فجوة الابتكار مع الولايات المتحدة والصين وإزالة الكربون وتعزيز الأمن الاقتصادي مع تقليص التبعية للآخرين ويرجح أيضا أن تكشف المفوضية الأوروبية في فبراير شباط المقبل عن خطة تهدف إلى دمج ملف حماية المناخ مع السياسة الصناعية ومن أجل أن يتمكن الاقتصاد الأوروبي من منافسة الصين والولايات المتحدة هناك حاجة إلى استثمارات إضافية بقيمة تتراوح بين 750 مليار يورو و800 مليار يورو 772 مليار دولار إلى 5823 مليار دولار سنويا بحسب تقرير دراجي وتمثل كيفية توفير هذه الأموال قضية رئيسية ويرتبط الأمر على نحو وثيق بموازنة الاتحاد الأوروبي المقبلة والتي سوف تغطي سبع سنوات 2028 2034 حيث من المقرر أن تقدم المفوضية الأوروبية اقتراحا في هذا الشأن خلال النصف الثاني من العام الجاري ولن يكون التعامل مع هذه التحديات الاقتصادية والدبلوماسية المحورية أمرا سهلا في ظل حالة الغموض السياسي في ألمانيا وفرنسا أكبر دولتين ضمن الدول الأعضاء في الاتحاد ولطالما نظر إلى باريس وبرلين على أنهما القوتان المحركتان للتكامل الأوروبي لكنهما تعانيان في الوقت الحالي من فراغ قيادي مدمر