أضاحي العيد في اليمن تراكمات مالية من الريف إلى المدينة وأسعار خيالية يعجز الفقراء عن توفيرها

الثورة /
مع اقتراب عيد الأضحى المبارك، لا يزال الحديث عن الأضاحي في اليمن يحمل في طياته شجوناً عميقة، ويُلقي بظلاله على واقع اقتصادي معقد، تتجلى فيه مفارقة صارخة بين الريف المنتج والمدن المستهلكة. هي قصة تتناثر فصولها بين حقول القرى الخضراء وأزقة المدن المزدحمة، حيث تتسع الهوة بين من يستطيع أن يضحي ومن باتت الأضحية حلماً بعيد المنال.
في قلب أحد أسواق المواشي الشعبية في صنعاء، حيث يضج المكان بأصوات الأغنام وضجيج الباعة، اخترقت أصواتٌ الاطلى والكباش الأضاحي الأجواء، حاملة في طياتها مرارة الواقع وسخرية القدر: «مش خايفين منكم، عارفين إنكم مفلسين!». خيال يختصر ببراعة المشهد، ويصف حال الكثير من اليمنيين الذين يواجهون تحدي الأضحية هذا العام.
من القرية
من مرعى القرية إلى سوق المدينة.. رحلة التكلفة المضاعفة
في القرى النائية، حيث تُربى المواشي وتتغذى على خيرات الأرض، لا يزال بإمكان المزارع المربي، أو حتى سكان القرى ذوي الدخل المحدود، ممارسة شعيرة الأضحية دون عناء كبير. «الطلي» أو «الكبش» الصغير، الذي تبلغ قيمته حوالي 30 إلى 40 ألف ريال يمني في بيئته الطبيعية، يمثل قيمة مقبولة نسبياً ليدٍ عاملة اعتادت على شظف العيش. إنه جزء من دورتهم الاقتصادية، ومن تقاليدهم المتوارثة.
نحو المدن
لكن هذه الصورة الوردية تتلاشى تماماً بمجرد أن تبدأ الأضحية رحلتها نحو المدن الكبرى. فكل كيلومتر تقطعه الشاة، وكل يدٍ تمر بها، يضيف عبئاً جديداً على سعرها الأصلي. تبدأ الحكاية بـ أجور النقل، التي تتضاعف مع ارتفاع أسعار الوقود وتدهور البنية التحتية. ثم تضاف الضرائب والرسوم التي تفرضها نقاط التفتيش المختلفة على طول الطرقات، والتي وإن بدت بسيطة في كل نقطة، إلا أنها تتراكم مع مصاريف التجار والمعاونين له في الشحن والتفريغ والعناية بالماشية فضلا عن قيمة الاعلاف المطلوبة لتغذية الماشية في المدنية، لتشكل مبلغاً لا يُستهان به.
التاجر
يلي ذلك دور تاجر الجملة، الذي يشتري بكميات كبيرة ويضيف هامش ربحه، ثم يأتي دور السماسرة، الذين يتواجدون بكثرة في الأسواق الحضرية، ويتقاضون عمولاتهم مقابل تسهيل عملية
ارسال الخبر الى: