عن تداعيات زيارة مودي إلى موسكو

١٦ مشاهدة
أهدى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين وسام القديس أندراوس لرئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي خلال زيارة الأخير إلى روسيا في 8 يوليو تموز الجاري وقال بوتين في كلمته مخاطبا مودي الصديق العزيز إن تقليدكم هذا الوسام يعد تقديرا لإسهاماتكم في مجال التعاون والتفاهم بين شعبينا حيث تقفون دائما إلى جانب مد الجسور منذ كنتم وزيرا للخارجية وقد ساهمتم دائما في أن تحمل العلاقات بين البلدين طابعا استراتيجيا متميزا ورد عليه رئيس الوزراء الهندي مودي في ختام كلمته نيابة عن 1 4 مليار مواطن هندي أتقدم بالشكر والامتنان لكم وللشعب الروسي ولد وسام القديس أندراوس في عام 1698 من قبل القيصر بطرس الأكبر ويمنح للأفراد الذين قدموا خدمات جليلة للدولة الروسية في مجالات متنوعة فأي خدمة تلك التي قدمتها الهند وشعبها ورئيس وزرائها لروسيا حتى يحظى بهذا الوسام روسيا والهند ما يجمعهما أكثر مما يفرقهما في غمرة انشغال العالم بإصابة الرئيس الأميركي دونالد ترامب برصاصة في أذنه هناك في الضفة الأخرى من العالم من هو منشغل بترتيب العالم في السنوات القادمة اصطحب الرئيس بوتين ضيفه مودي في جولة في مقر إقامته وتعد هذه الزيارة الأولى منذ 5 سنوات عندما زار مودي روسيا في عام 2019 على هامش منتدى في ميناء فلاديفوستوك في أقصى شرق روسيا والتقى بوتين حينها كما التقى الزعيمان أيضا في سبتمبر أيلول 2022 في أوزبكستان في قمة تكتل منظمة شنغهاي للتعاون وتعد القمة السنوية بين رئيس وزراء الهند مودي والرئيس الروسي بوتين أعلى آلية للحوار المؤسسي في الشراكة الاستراتيجية بين الهند وروسيا خلال القمة الأخيرة التي عقدت في 6 ديسمبر كانون الأول 2021 تم توقيع 28 مذكرة تفاهم واتفاقا كما تم اعتماد بيان مشترك بعنوان الشراكة الهندية الروسية من أجل السلام والتقدم والازدهار وفي مارس آذار من عام 2023 اعتبرت الهند روسيا شريكا موثوقا به وقد دعمتها في الأمم المتحدة ولعبت دورا أساسيا في بناء القدرات العسكرية الهندية في مختلف المجالات وسمحت لها بممارسة الاستقلال الاستراتيجي في مواجهة روسيا تجاه الغرب ما يجمع هذين البلدين أكثر مما يفرقهما إذ يرتبط البلدان بعلاقات سياسية وثيقة منذ الحقبة السوفييتية وتعتبر روسيا موردا رئيسيا للأسلحة والتكنولوجيا العسكرية بالنسبة للهند كما يتعاون البلدان في مجالات التكنولوجيا والبنية التحتية والصناعات الثقيلة والطاقة بما في ذلك النفط والغاز والطاقة النووية إضافة إلى التعاون في مجال الفضاء مثل إطلاق الأقمار الاصطناعية وتكنولوجيا الفضاء ما يجمعهما أكثر من قضايا سياسية واقتصادية وعسكرية إذ يجتمعان على عدم التبعية للولايات المتحدة وكونهما قوتين صاعدتين لديهما كافة المؤهلات لمواجهة النفوذ الأميركي والهيمنة العالمية عدم الرضوخ لأميركا وسطوتها الاقتصادية يعد مكسبا كبيرا لروسيا ويشاركها في هذا دول مثل الهند والصين فمن شأن توطيد التحالف بين دول بريكس الذي يضم إضافة للدول الثلاث آنفة الذكر كلا من البرازيل وجنوب أفريقيا وغاية المنى بالنسبة لروسيا التفاهم مع كل من يعادي الهيمنة الأميركية فكيف إذا كانت من قبل دول كبرى مثل الصين والهند اللتين يقطنهما حوالي 2 8 مليار نسمة وفق البيانات الرسمية الهندية يبلغ حجم الاقتصاد الهندي نحو 3 732 ترليونات دولار وينمو اقتصادها بشكل سريع بفضل كتلة استهلاكية ضخمة حيث يقدر عدد سكانها بأكثر من 1 4 مليار نسمة كما هو الحال في الصين أيضا وتشمل الصادرات الرئيسية من روسيا إلى الهند النفط والغاز الطبيعي والمنتجات النفطية والمعادن والأخشاب والأسمدة والمنتجات الزراعية والمنتجات الصناعية والتكنولوجية بما في ذلك الآلات والمعدات الثقيلة في حين تشمل الصادرات الهندية إلى روسيا الأدوية والمنتجات الزراعية والغذائية مثل الشاي والتوابل بالإضافة إلى المنسوجات والملابس والخدمات التقنية والبرمجيات ويميل الميزان التجاري بين البلدين بشكل كبير لصالح روسيا ويرجع ذلك إلى الصادرات الكبيرة من النفط والغاز الطبيعي والمنتجات النفطية بلغ إجمالي حجم التجارة بين البلدين حوالي 49 36 مليار دولار في العام 2023 حيث بلغت قيمة الصادرات الهندية إلى روسيا حوالي 3 14 مليارات دولار بينما بلغت الواردات الهندية من روسيا حوالي 46 21 مليار دولار وتشمل بشكل رئيسي النفط الخام والفحم والأسمدة والمنتجات البترولية وحتى شهر نيسان من العام 2024 شهد التبادل التجاري بين البلدين ارتفاعا بنسبة 161 22 مقارنة مع نفس الفترة من العام 2023 وتتركز الاستثمارات الهندية في روسيا بشكل أساسي في قطاعات تشمل النفط والغاز والماس والأدوية كما برزت الهند كمشتر رئيسي للنفط الروسي في أعقاب غزو موسكو لأوكرانيا من خلال استغلال فرصة انخفاض السعر واضطرار روسيا للبيع بعد إغلاق منافذ البيع في وجهها من قبل أوروبا والولايات المتحدة وإبان العقوبات الغربية التي فرضت على روسيا زادت أواصر العلاقات الروسية الهندية وفي الواقع تشكل العلاقة بين البلدين win win للطرفين فمن جهة تستفيد روسيا في بيع منتجاتها النفطية بعيدا عن الغرب الذي فرض عقوبات قاسية عليها ومن جهة أخرى استفادت الهند من الحصول على الطاقة الرخيصة التي ساهمت في تسريع النمو الاقتصادي الهندي وخفض معدل التضخم ولوحظ أن الاقتصاد الهندي نما من 2 671 6 تريليون دولار في عام 2020 إلى 3 732 تريليونات دولار في نهاية عام 2023 ليحل في المرتبة الخامسة على العالم من حيث الناتج المحلي الإجمالي الاسمي العالم في مفترق طرق تخطط كل من الهند والصين ومعهما روسيا إلى ترتيب نظام مدفوعات نقدية لتسديد ثمن الواردات بالعملات المحلية وقد ناقش مودي مع بوتين ترتيبات عملة بريكس ونظام الدفع البديل لسويفت حيث وصف القائم بالأعمال الروسي رومان بابوشكين زيارة مودي لموسكو بأنها تاريخية وأن الهدف منها توسيع العلاقات الاقتصادية وتنفيذ نظام دفع ثنائي باستخدام العملات الوطنية من حيث المبدأ يمكن التبادل بالعملات المحلية بين دولتين وهي آلية مطبقة بين العديد من الدول ولا أعتقد أن لها آثارا كبيرة على النظام المالي العالمي لكن أن تقوم دول مجموعة بريكس بالتوافق على عملة موحدة لاستخدامها في التجارة البينية في ما بينها ونظام دفع متعدد الأطراف يمكنه تسوية المعاملات التجارية دون الحاجة إلى الدولار قد يكون له تأثير كبير على اعتمادية العالم للدولار كعملة احتياطية دولية وتحقيق الاستقلال عن سيطرة أميركا على التجارة العالمية بالأخص إذا انضمت دول أخرى إلى المجموعة مثل تركيا والسعودية والإمارات وغيرها كما يمكن تعزيز دور بنك التنمية الجديد في تمويل المشروعات التنموية والاستثمارية داخل الدول الأعضاء بعيدا عن صندوق النقد والبنك الدوليين في حين تذهب بعض الآراء إلى أن المجموعة قد تعمل على تطبيق المعيار الذهبي خلال السنوات الخمس المقبلة بحيث إذا أرادت أي دولة المتاجرة مع إحدى دول بريكس ستضطر لسداد قيمة فاتورتها بالذهب في كل الحالات نجاح مجموعة بريكس في هذه الخطوات قد يساهم في ترتيب العالم خلال الحقبة القادمة بين الولايات المتحدة وأخواتها الناطقة باللغة الإنكليزية والقارة العجوز أوروبا كقطب والقطب الآخر مؤلف من تحالف بريكس وعلى رأسه موسكو ونيودلهي وبكين لينقسم العالم بين منظومتين اقتصاديتين تميل دول العالم بينهما قد يحمل هذا التغير في طياته عالما ثنائي القطب يكون النفوذ والسيطرة موزعين بشكل ما بين القوى الاقتصادية الصاعدة مما قد يعيد تشكيل الجغرافيا السياسية والاقتصادية لعقود قادمة ويثبت أن زيارة مودي إلى موسكو كانت زيارة تاريخية لتغيير اللعبة الجيوسياسية كما أشارت إحدى الصحف

أرسل هذا الخبر لأصدقائك على

ورد هذا الخبر في موقع العربي الجديد لقراءة تفاصيل الخبر من مصدرة اضغط هنا

اخر اخبار اليمن مباشر من أهم المصادر الاخبارية تجدونها على الرابط اخبار اليمن الان

© 2024 يمن فايب | تصميم سعد باصالح