في اليوم الأول من عملية طوفان الأقصى قلنا إن فلسطين انتصرت في ذلك اليوم والكثيرون يرون أن ذلك اليوم يمثل بداية النهاية لزوال الكيان الصهيوني الغاصب وأول ما يلفت انتباهنا اليوم هو الصبر والصمود الفلسطيني الأسطوري في مواجهة العالم الذي انقسم إلى فريقين الأول متواطئ يدعم الكيان الصهيوني وتقوده أميركا وبعض من دول أوروبا والمتصهينون العرب وذلك من خلال الدعم المعنوي والمادي المفتوح للكيان المحتل وتزويده بالمال والأسلحة والذخائر والطاقة والمواد الغذائية ليس من دول الغرب فقط بل أيضا من دول عربية وإسلامية والفريق الآخر هو الفريق الذي خذل الفلسطينيين وخذل أهل القطاع بصفة خاصة وهذا الفريق يضم معظم القيادات والشعوب العربية والإسلامية التي لم تحرك ساكنا نصرة لأهل غزة الذين يتعرضون لحرب إبادة شاملة وصحيح أن الثمن الذي يدفعه الفلسطينيون فادح ولكن الدكتور محمد سليم العوا يرى أن ذلك هو بداية الثمن فقط وأن هناك أثمانا باهظة يجب دفعها من أجل التحرر من الاحتلال الصهيوني والتاريخ يعلمنا أن ثمن التحرر من الاستعمار باهظ ففي الجزائر وحدها سقط أكثر من مليون شهيد في سبيل الاستقلال كما أن ما حدث صباح السابع من أكتوبر تشرين الأول الماضي شكل صدمة للجميع وفي مقدمتهم قادة الكيان الصهيوني الذين لم يتوقعوا حدوث ذلك الهجوم الذي كشف سوأتهم وعراهم وأظهر فشلهم الاستخباراتي والعسكري وفند أكذوبة الجيش الذي لا يقهر ومثل أيضا صدمة للمتصهينين العرب الذين ركبوا قطار التطبيع وسرعوا من وتيرة التطبيع مع الكيان الصهيوني بإبرام الاتفاقيات التجارية والاستقبال الرسمي لمسؤولين في حكومة الاحتلال أيضا كانت معركة طوفان الأقصى صدمة لمحور الممانعة الذي ظن أنه اشترى المقاومة بالدعم المادي الذي يقدمه لها فسقط في أيديهم وتبرؤوا من العملية ونفوا أن يكونوا على علم بها النجاح الأكبر الذي حققته عملية طوفان الأقصى هو وقف قطار التطبيع الذي أوشك أن يصل إلى المملكة العربية السعودية وغيرها من الدول العربية والإسلامية وعلى صعيد دولة الاحتلال فقد قضت عملية طوفان الأقصى المباركة على مستقبل نتنياهو السياسي وأفشلت وكتبت نهاية حكومته اليمينية المتطرفة والدليل على ذلك الانشقاقات والاستقالات داخل الحكومة والخلافات بين أعضائها والتي ظهرت للعلن والدعوات لمحاكمة بنيامين نتنياهو وأعضاء في حكومته على إخفاقهم في السابع من أكتوبر ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وغيره من قادة الكيان الصهيوني باتوا يترقبون صدور أوامر اعتقال بحقهم من قبل محكمة الجنايات الدولية بتهمة ارتكاب جرائم حرب في غزة وذلك بعد طلب المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية كريم خان إصدار مذكرة اعتقال بحقه هو ووزير الدفاع يوآف غالانت وسبب استمرار الحرب على غزة لأكثر من 200 يوم هو رغبة نتنياهو في تجنب المحاسبة على ما جرى في السابع من أكتوبر والفشل الاستخباراتي والعسكري الذريع للكيان الصهيوني في مواجهة بضع مئات من المقاومين الفلسطينيين التنبؤ بزوال الكيان الصهيوني من جهة ثانية أعادت عملية طوفان الأقصى إلى الأذهان تنبؤات مفكرين وقادة بقرب زوال الكيان الصهيوني ومنهم الشيخ أحمد ياسين رحمه الله والذي تنبأ قبل ربع قرن من الزمان بزوال الكيان الصهيوني في عام 2027 وذلك في مقابلة له مع الإعلامي أحمد منصور في برنامج شاهد على العصر وكان المفكر الراحل عبد الوهاب المسيري صاحب موسوعة اليهود واليهودية والصهيونية قد قال إن حلمه هو أن يشهد تحرر فلسطين وأن هذا الحلم سيتحقق قريبا الأحداث التي سبقت عملية طوفان الأقصى كانت تؤشر جميعها على أن مخطط إنهاء القضية الفلسطينية يسير بوتيرة متسارعة نحو تحقيق أهدافه برعاية أميركية ودعم عربي والدليل الأبرز على تصفية القضية هو تسارع وتيرة الاستيطان واغتصاب الأراضي في الضفة الغربية ومصادرة ممتلكات الفلسطينيين في القدس كما كان هناك مخطط لتهجير سكان القطاع في إطار مشروع القناة الصهيونية التي تربط بين خليج العقبة من ناحية الجنوب وبين البحر الأبيض المتوسط والمشروع الصهيوني الأميركي لمواجهة طريق الحرير الجديد وهذا المخطط ينطلق من الهند ويمر بغزة وصولا للبحر المتوسط وغزة بمقاومتها وبموقعها الجغرافي تشكل حجر عثرة أمام هذا المشروع وأما على صعيد التطبيع مع الكيان الصهيوني فالنجاح الأكبر الذي حققته عملية طوفان الأقصى هو وقف قطار التطبيع الذي أوشك أن يصل إلى المملكة العربية السعودية وغيرها من الدول العربية والإسلامية وأخيرا يمكن القول إن أحداث عملية طوفان الأقصى وتداعياتها المستمرة منذ السابع من أكتوبر وحتى اليوم أثبتت بما لا يدع مجالا للشك أن الكلمة العليا للمقاومة وليس للسلطة التي لا تمثل الفلسطينيين وأن المقاومة في غزة وفي الضفة أيضا خيار شعبي وهو خيار واقعي للتحرر من الاحتلال الصهيوني الغاشم بعد أن ثبت للجميع أن المفاوضات العبثية لم تحقق للفلسطينيين شيئا من المكاسب منذ اتفاقية أوسلو حتى اليوم بل وتضاعف خلال هذه المدة الاستيطان واغتصاب الأراضي وازدادت فيها وتيرة الاعتداءات على المسجد الأقصى وعلى الفلسطينيين