تحطيم الرموز في سورية
تكشف المآلات التي أفضى إليها التاريخ السوري المعاصر، أن القائمين على صناعة هذا التاريخ، وأدواتهم، منعوا الرموز السياسية منها، والفكرية، والأدبية، من أن تصبح قيمة وطنية عامة، أي قيمة يتبناها جميع السوريين بصرف النظر عن الانتماء المناطقي، أو الديني، أو الإثني. آلية التحقّق من ذلك تحتاج إلى كثير من الفحص والدراسة، ولكن عدم احترام الرموز، واحتقارها أحياناً كثيرة، أو عدم الشعور بانتمائها إلى الوطنية السورية كان واحداً من مؤشرات عدم اكتمال الوطن السوري في العصر الحديث. فكِتاب تاريخ سورية يؤكد أن أبناء المناطق السورية كافة لا يقيمون وزناً، أو قيمة رمزية لأي شخصية وطنية سورية عامة، من المناطق الأخرى، بل إنهم يعملون على طردها من الفضاء السوري، وحشرها في طوائفها، أو في مدنها وأريافها، للتخلص من اللحمة الوطنية الجامعة.
اللافت في المذبحة الأخيرة التي ارتكبت في مدينة السويداء، وفي ريفها الغربي والشمالي، هو الحماسة التي أظهرها الجنود، من جهة، ورجال العشائر، من جهة ثانية في تحطيم الصور الرمزية التي وجدوها في البيوت التي اقتحموها. أكثر تلك الصور بروزاً هي صورة سلطان الأطرش.
يعامل سلطان الأطرش في المنطقة قائداً وطنياً في المقام الأول، والأخير. هذا ما يفتخر به الدروز في الحقيقة، وهم يرددون، في كل منعطف تاريخي يمرون به، أن هذا القائد الذي سمي من قبل القادة السوريين عام 1925 قائداً للثورة السورية ضد الاحتلال الفرنسي، هو ابن المكان. ولهذا ترفع صوره في بيوت كثيرة من بيوت المنطقة.
الكتاب المدرسي السوري يحطم الرموز بدوره لصالح الحاكم المعاصر
اللافت إذن هو تحطيم صورته، ومن قبل شبّان ولدوا في منطقة قريبة من بيته، علناً، وأمام الكاميرا التي تصوّر فعل التحطيم بالدوس، أو بأخمص البندقية. نحن إذن هنا أمام عمل رمزي تدميري، يحطم قيمة رمزية لجماعة، من جهة، ويتخلى علناً عن الانتساب إلى المعنى الذي يمثله الرمز الذي كان قد خرج من عباءة الطائفة، إلى النطاق الوطني من جهة ثانية. والغريب في الأمر أن سلطان الأطرش، ليس طرفاً في النزاع الحالي، باستثناء، أنه
ارسال الخبر الى: