أن تحرق فنك لتمدد بقاءك فلسطيني يوقد لوحاته ليطهو بها

أن تحرق فنك لتمدد بقاءك، هذا هي المفاضلة القاسية التي اضطر الرسام الفلسطيني طه أبو غالي لأن يخضع لها، إذ لم يجد بدًا من حرق لوحاته التي احتفظ بها لأكثر من 20 عاما ليطهو بها طعاما يسد رمق عائلته المجوعة.
هذه اللوحات التي رسمها بألوان زاهية تحولت بفعل التجويع الممنهج والإبادة الجماعية التي ترتكبها إسرائيل منذ 22 شهرا، إلى حطب لإشعال النيران في موقده المتواضع بسبب غياب غاز الطهي جراء الحصار.
هذا الخيار القاسي كان الأخير أمام أبو غالي من أجل إشعال النار نظرا لندرة بدائل الغاز، خاصة الحطب الذي ارتفعت أسعار المعروض منه في الأسواق الشعبية.
ومنذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023 تمنع إسرائيل دخول الوقود وغاز الطهي إلى القطاع إلا بكميات محدودة خلال فترتي الوقف المؤقت لإطلاق النار في نوفمبر/ تشرين الثاني لعام 2023، ويناير/ كانون الثاني لعام 2024.
هذا المنع دفع الفلسطينيين للبحث عن بدائل كالحطب والكرتون وأخشاب الأثاث المنزلي والملابس أحيانا، فضلا عن استخدام الكتب والأبحاث العلمية كبدائل.
** لوحات تحترق
في مخيم للنزوح بمدينة خان يونس جنوب قطاع غزة، ارتسمت علامات الحزن على وجه أبو غالي الذي أنهكه النزوح والتجويع، وأخذ يمرر يده على إحدى لوحاته الفنية قبل أن يكسر إطارها، وكأنه يودع جزءا من روحه.
وخلال رحلات نزوحه التي تكررت 11 مرة منذ اندلاع الإبادة، حرص الفنان الفلسطيني على نقل لوحاته بعناية محافظا عليها كونها مثلت على مدار الأعوام العشرين جزءا من حياته.
لكنه اضطر إلى هذا الخيار الصعب بعدما استنفد كافة الخيارات، قائلا للأناضول: كثير من أصدقائي الفنانين اضطروا لنفس هذه الخطوة، فلا بدائل لدينا.
ويعيش قطاع غزة واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية في تاريخه، حيث يتداخل التجويع الممنهج مع إبادة جماعية ترتكبها إسرائيل بحق المدنيين.
يضيف أبو غالي وهو يراقب بقايا لوحاته: هذه الأعمال رسمتها منذ أكثر من 20 عاما، أيام دراستي في الكلية، حاولت حمايتها بكل الطرق، ووزّعت بعضها عند إخوتي وأخواتي حتى لا تضيع، لكن كثيرا منها تضرر أو تعرض
ارسال الخبر الى: