تحالف شمشون

91 مشاهدة

في لحظة مشبعة بالدخان والدم، تُروّج صفقة تحمل اسمًا تضليليًا هو «هدنة طويلة» في غزة كنافذة نجاة إنسانية. لكن ما يتكشف خلف هذا الغلاف هو تحول استراتيجي أعمق وأخطر، لا يُبشر بنهاية المجازر، بل بامتداد بقعة الزيت اللاهب إلى فضاءات إقليمية أوسع. فتصريحات ترامب الأخيرة، ونبرة الاستخفاف التي اتسم بها خطابه إزاء وقف إطلاق النار، توحي أن غزة لم تعد أولوية ميدانية، بل جبهة تُهيأ لتُصبح رافعة سياسية في الحرب الكبرى المقبلة. ترامب يهاجم الإعلام، يصف حلفاء الأمس بـ«المجانين»، ويعلن صراحةً أنه لا يريد مفاوضات مع إيران، بل ينتظر «استسلامًا كاملًا».
بالتزامن، يُرفع مستوى التأهب الأمريكي إلى «برافو» في المحيطَين الهندي والهادئ، وتُلمّح تل أبيب إلى عمليات ستجعل «بيجر» تبدو هامشية، بينما تُدار في غزة مسرحية سياسية بمجازر يومية وأدوات «المساعدات» والوساطات، ليس لإنهاء العدوان، بل لإعادة تموضع الاحتلال. صفقة التهدئة – بسبعين يومًا وتبادل جزئي للأسرى – ليست سوى غطاء لإعادة توزيع أوراق المعركة. فهي تُستخدم لتقويض بنية المقاومة، وفرض نموذج «غزة بلا مقاومة»، حيث تتحول المعابر والمساعدات إلى أدوات تجفيف للجذور السياسية والوطنية، لا أدوات إنقاذ.
على ضفة التحالف، يظهر نتنياهو مترنحًا من كارثة 7 أكتوبر، باحثًا عن «خلاص شخصي» في حرب شاملة ضد إيران، بينما يستخدم ترامب لغة نووية لاستعادة الهيبة، مدفوعًا بوهم جائزة نوبل للسلام من بوابة الإخضاع. هكذا يتجسد ما يمكن تسميته بـ«تحالف شمشون»، حيث الجنون والنرجسية يقودان نحو هدم المعبد فوق رؤوس الجميع، بلا تردد. وسط هذا التصعيد، تتجلى نوايا أكثر خطورة: التهجير.
ففي الليلة ذاتها التي يُدفع فيها بالهدنة إلى الواجهة، يُجدد نتنياهو تصريحه بأن «التهجير من غزة قرار ما زال قائمًا». لم يعد هذا الطرح تكتيكًا بل سياسة ممنهجة تُمرر عبر «الممرات الآمنة» و«المناطق الإنسانية»، في إعادة إنتاج فجة لنكبة 1948، ولكن بخطاب علني.
إن تزامن هذه التصريحات مع احتكار الاحتلال لتوزيع المساعدات، يجعل من كل شاحنة غذاء بابًا محتملاً للخروج القسري، ومن كل تهدئة مهلة لترحيل جماعي ناعم، لا لوقف العدوان.

ارسال الخبر الى:

ورد هذا الخبر في موقع صحيفة الثورة صنعاء لقراءة تفاصيل الخبر من مصدرة اضغط هنا

اخر اخبار اليمن مباشر من أهم المصادر الاخبارية تجدونها على الرابط اخبار اليمن الان

© 2016- 2025 يمن فايب | تصميم سعد باصالح