تجمعهما الولاية والإمامة هل الزيدية أقرب إلى السنة أم إلى الاثنا عشرية عبدالله إسماعيل

99 مشاهدة
لطالما قدم البعض الزيدية الهادوية كمذهب وسطي بين السنة والشيعة لا يقول بعصمة الإمام ولا يغلو في ولاية علي ويقترب من أهل السنة في الفقه والفروع لكن هذه الصورة النمطية والكارثية تتهاوى سريعا عند أول اختبار عقائدي جاد خاصة عند مقارنتها بالمذهب الشيعي الاثنا عشري الذي يبدو في ظاهره أكثر تشددا لكنه يتطابق مع الهادوية في الجذر العقائدي والممارسات السلوكية والمنطلقات الفكرية في الواقع لا يكاد الباحث المنصف يفرق بين الهادوية الجارودية التي تحكم صنعاء اليوم وبين المذهب الاثنا عشري الذي يحكم طهران فكلا المذهبين يؤمنان بأن الحكم حق إلهي محصور في سلالة علي وأن الأمة بعد النبي قد غدرت وارتدت ولن تفلح إلا حين تخضع للإمام المعصوم الولاية شرط الاسلاميبدأ هذا التطابق من تصورهما للإمامة والولاية إذ يتفق الطرفان على أن الإمامة ليست نظاما سياسيا بل أصل من أصول الدين وشرط لاكتمال الإيمان وصحة العقيدة ولا يقبل إسلام أحد دونه يقول يحيى الرسي طباطبا مؤسس المذهب الزيدي الهادوي في كتابه الأحكام ولا يتم للإنسان اسم الإيمان حتى يعتقد بإمامة علي بأيقن الأيقانويذهب أبعد من ذلك حين يقول من أنكر أن يكون علي أولى الناس بمقام رسول الله فقد رد كتاب الله وكان عند جميع المسلمين كافرا وهي ذات العقيدة التي يتبناها علماء الشيعة الاثنا عشرية حيث يقول المفيد في كتابه أوائل المقالات إن الإمامة أصل من أصول الدين لا يتم الإيمان إلا بها الإمام معصوم ولا تقف المسألة عند الإيمان بالإمامة بل تتجاوزها إلى العصمة الكاملة للإمام ففي كتب الزيدية كما في مؤلفات الاثنا عشرية يتم تصوير الإمام كشخص فوق البشر لا يخطئ ولا ينسى وهو مفترض الطاعة ينقل الكليني في كتابه الكافي أن الأئمة يعلمون ما كان وما يكون لا يخطئون ولا ينسون بينما يردد الكاهن الرسي في الأحكام أن الإمام لا تجوز معصيته ولا يرد له أمر فهو مفترض الطاعة من الله وهو ما تنطق به حناجر خطباء الحوثي اليوم جهارا نهارا ومن على مساجد السنة في صنعاء وذمار واب وغيرها اليوم تكفير الصحابةولعل من أخطر مظاهر هذا التطابق الموقف من الصحابة فكلا الفريقين يتهمون الخلفاء الثلاثة أبا بكر وعمر وعثمان باغتصاب الخلافة والانقلاب على وصية النبي بل إن كتب الجارودية وهم الفرقة التي اعتمد عليها الرسي وورثها أئمة الهادوية تعلن ذلك بلا مواربة يقول الكاهن الرسي طباطبا خالف أبو بكر رسول الله وفعل بغير فعله وصوبه عمر وجميع أصحابه وأطاعوه على ذلك فإذا به وبعمر وأصحابهما قد أحلوا ما حرموا وتركوا ما صلوا وشهدوا على أنفسهم جميعا بالخطأ والضلالة الكافي ص ٣٨٠ ويقول عبد الله بن حمزة الزيدية على الحقيقة هم الجارودية ولا نعلم في الأئمة من بعد زيد بن علي من ليس بجارودي العقد الفريد والجارودية كما هو معروف يرون أن الصحابة أجمعين قد ارتدوا بعد وفاة النبي وهي العقيدة ذاتها التي يتبناها علماء الاثنا عشرية خرافة الغدير واعتساف التفسيريتخذ الطرفان من حديث من كنت مولاه فعلي مولاه أساسا لبناء نظرية الولاية ويجعلونه نصا قاطعا في تعيين علي ويؤولون آيات من القرآن لإثبات ذلك الرسي يستدل بآية إنما وليكم الله ورسوله ويقول إنها نزلت في علي وحده ويدعي أنها حجة على الأمة كلها الأحكام ج1 ص16 وهو بالضبط ما تقوله الإمامية الاثنا عشرية حيث يروون أن الآية نزلت عندما تصدق علي بالخاتم وهو راكع الطبرسي مجمع البيان ج3 ص405 مجلس الفقهاء يسبق ولاية الفقيهأما من الناحية الفقهية والسياسية فقد طورت الاثنا عشرية مفهوم ولاية الفقيه ليقوم بدور الإمام الغائب بينما تبنت الزيدية الهادوية منذ وقت مبكر فكرة مجلس الفقهاء أو العلماء الذين يناط بهم توجيه الأمة حتى يظهر الإمام وفي ذلك يقول الهالك بدر الدين الحوثي يقوم العلماء والفقهاء بمهام الهداية حتى يظهر الإمام بدر الدين الحوثي التيسير في التفسير ج2 ص112 اختلاف عددي لا عقدييكمن الفرق بين المذهبين فقط في عدد الأئمة فبينما تحصر الاثنا عشرية الإمامة في اثني عشر إماما تطلق الهادوية الباب لكل من ادعى الانتساب إلى الحسن أو الحسين وخرج بالسيف هذا الاختلاف الشكلي العددي لا يغير من جوهر السلالة المجرمة والادعاء العنصري بل زاد تاريخيا من فوضى الخروج لإمام على إمام وادخل اليمن في دمار متصل لم ينقطع عنوانه الحكم حكر على نسل علي ولا يجوز لسائر الأمة ممارسته ومن كل ذلك تتضح خرافة ما يسمى بـالزيدية المعتدلة أو المذهب الأقرب الى السنة فهو في جوهره الهادوي الجارودي المتأصل لا يختلف عن الاثنا عشرية في شيء ويطابقها من حيث تكفير الأمة وتقديس السلالة وإضفاء العصمة على الإمام وتوظيف النصوص القرآنية والأحاديث لتكريس سلطة دينية مطلقة إن هذا التطابق لا يقتصر على السجال الديني بل يمتد أثره إلى السياسة والمجتمع والثقافة فالمنظومة الحوثية التي تحكم صنعاء اليوم لا تنطلق من اجتهادات وطنية أو مذهبية مستقلة بل هي ترجمة ميدانية حية لعقيدة الولاية الجارودية الاثنا عشرية بكل ما تحمله من عداء للتعدد واستعباد للأمة وتكفير لمخالفيها وفي الخلاصة فإن من يظن أن الحوثيين مجرد فصيل سياسي أو مذهبي يمكن احتواؤه يجهل الجذر العقدي الذي يقفون عليه وينطلقون في حروبهم على أساسه فهذا المشروع ليس سوى امتداد حرفي للفكر الإمامي الذي مزق الأمة ويحاول اليوم تمزيق اليمن والمنطقة باسم الدين وتحت راية الولاية والتصدي له لا يكون إلا بكشف بنيته الفكرية أولا قبل أي مواجهة سياسية أو عسكرية

ارسال الخبر الى:

ورد هذا الخبر في موقع الصحوة نت لقراءة تفاصيل الخبر من مصدرة اضغط هنا

اخر اخبار اليمن مباشر من أهم المصادر الاخبارية تجدونها على الرابط اخبار اليمن الان

© 2016- 2025 يمن فايب | تصميم سعد باصالح