تجريد حزب الله من سلاحه هدية مجانية للاحتلال
قرار تجريد حزب الله من سلاحه ليس مُجَـرّد شأن داخلي، بل خطوة خطيرة تكشف لبنان أمام الأطماع الإسرائيلية. التاريخ القريب يثبت أن من دون المقاومة، تصبح بيروت وبقية المدن هدفًا سهلًا للعدو، تمامًا كما حدث في سوريا بعد تدمير جيشها. إنها لحظة فاصلة بين البقاء كدولة ذات سيادة أَو التحول إلى ساحة مفتوحة للغزو.
لا يختلفُ اثنان على أن السلاح المنفلت بين أيدي الأفراد يشكّل خطرًا على أمن أية دولة، وأن منطق الدولة الحديثة يقوم على حصر السلاح بيد مؤسّساتها الرسمية. لكن هذه القاعدة لا يمكن تطبيقها على بلد ما زال جزء من أرضه تحت الاحتلال، ويواجه عدوًا يخطط لابتلاع المزيد من أراضيه، في ظل حصار دولي يمنع جيشه من التسلح بما يحمي سيادته.
لبنان مثال حي على هذه المعادلة المعقدة. فمنذ احتلال الكيان الإسرائيلي لجنوب لبنان لعشرين عامًا، ثم انسحابه عام 2000 بفضل المقاومة الشعبيّة، ثبت أن معادلة الجيش والشعب والمقاومة كانت حجر الزاوية في تحقيق النصر وحماية السيادة. المقاومة، ممثلة بحزب الله، فرضت معادلة ردع جعلت (إسرائيل) تحسب ألف حساب قبل أي عدوان، بعد أن كان لبنان ساحة مفتوحة أمام البطش الصهيوني.
لكن منذ أن كسرت المقاومة هيبة (إسرائيل)، بدأت الولايات المتحدة، بالتعاون مع أنظمة عربية تابعة وبعض القوى السياسية اللبنانية، حملة منظمة لتجريد حزب الله من سلاحه، عبر ربط الأزمات الاقتصادية والضغوط المعيشية بسلاح المقاومة. وضعت واشنطن شرطًا واضحًا: الخروج من الأزمة مقابل التخلي عن السلاح الذي يقلق كيان العدو.
هذه الخطوة ليست جديدة، بل هي امتداد لمخطّط بدأ منذ أحداث ما سُمِّيَ بـ”الربيع العربي”، حين استهدفت سوريا، الشريك الأَسَاسي في محور المقاومة، عبر حرب مدمّـرة أرهقت جيشها ودمّـرت بنيتها العسكرية، حتى بات الاحتلال الإسرائيلي على مقربة كيلومترات من دمشق. اليوم، يتكرّر المشهد في لبنان، لكن بأُسلُـوب مختلف: تجريد المقاومة من سلاحها عبر قرارات داخلية تحت ضغط خارجي.
إن قرار سحب سلاح حزب الله يعني عمليًّا كشف لبنان أمام الأطماع الإسرائيلية، وتحويله إلى لقمة سائغة كما حدث
ارسال الخبر الى: