تجديد علم الكلام في سورية عن بناء فقه سياسي ومواطني

23 مشاهدة

فرقٌ كبيرٌ بين التعبير عن الاستياء من العنف الطائفي الحاصل في سورية اليوم، وبين التحذير من اندلاع حرب أهلية، وبين دهشة بعضنا مما يفعله السوريون بأنفسهم وبلادهم، وعدم التصديق بأنّ هذا العنف هو من نتائج أسباب وعوامل رأيناها جميعًا تُزرع وتُغذّى يومًا بعد يوم، حتى نضجت وطرحت ثمارها الخبيثة.

بعد سنوات من فوضى التديّن في سورية، ومن تضارب التفسيرات الدينية، ومن رواج هذه التفسيرات في بلاد باتت منقسمة على ذاتها، مناطقَ وإداراتٍ ذاتية، قررت الدولة الجديدة، منذ نحو شهرين، الالتفات إلى مهمة إعادة ضبط الإيقاع وترتيب المشهد العقدي، بما يُشبه نمط القرنين الهجريين الثاني والثالث، لكن برؤية سياسية جديدة، لا تنتهج سياسات وطنية توحيدية واضحة، بل تضمر نوعاً من التوحيد غير المُعلن، من خلال إعادة تصنيف أهل السنّة السوريين، بدءًا من توجيه خطب الجُمع الأسبوعية.

وقد تجلّى ذلك بصدور تعميم وزارة الأوقاف السورية رقم 636، بتاريخ 25/5/2025، الذي تضمّن مجموعة من التوصيات الموجَّهة إلى الخطباء، في مقدّمتها الالتزام بالمراجع الفقهية الأربعة (الحنبلي، المالكي، الحنفي، الشافعي)، والمرجعيات العقدية المعترف بها: الأشاعرة، والماتريدية، وأهل الحديث.

وللإنصاف، لا يجوز إنكار ما ورد في التعميم من توصيات إيجابية تهدف إلى تأسيس خطاب ديني يقوم على الاعتدال والتوازن ونبذ التعصّب والتحزّب، والالتزام بالضوابط العلمية. لكن، هل يشمل هذا الخطاب جميع السوريين؟

الواقع أنّ القرار لم يشمل كلّ طوائف السوريين ومذاهبهم، بل عكس رؤية دينية تتبع الطائفة الغالبة، وخلا من عناصر الخطاب الديني الوطني التعددي كالتسامح، وقبول الآخر، وتعزيز الحوار، والاعتراف بالاختلاف. وهذا يؤشر إلى أنّنا لا نزال بعيدين، زمنيًا وثقافيًا، عن بناء فقه سياسي ومواطنيّ ملائم لمجتمع تتجاور فيه منابر الجوامع مع مذابح الكنائس، وصُوّان الحسينيات، وغرف الخلوات الصوفية.

كان الأجدر أن تُسأل وزارة الأوقاف – وربما معها وزارة الثقافة المنشغلة عن المجتمع – ما الذي جعل الهوية الدينية للمجتمع السوري بحاجة إلى هذا الترسيم الحصري للمذهب السنّي؟ ولماذا وفق اعتبارات سياسية أكثر منها ثقافية؟ فالسوري العادي لم يكن معنيًا بهذه التفاصيل الدقيقة؛ بالكاد يعرف

ارسال الخبر الى:

ورد هذا الخبر في موقع العربي الجديد لقراءة تفاصيل الخبر من مصدرة اضغط هنا

اخر اخبار اليمن مباشر من أهم المصادر الاخبارية تجدونها على الرابط اخبار اليمن الان

© 2016- 2025 يمن فايب | تصميم سعد باصالح