سلام أم صفقة كيف تتقاسم القوى العظمى معادن الكونغو النادرة
تعرضت جمهورية الكونغو الديمقراطية عبر تاريخها الحديث لواحدة من أبشع مآسي الاستعمار والصراع في أفريقيا. منذ الحقبة الاستعمارية البلجيكية في أواخر القرن التاسع عشر، عانى شعب الكونغو من إبادة جماعية غير معلنة خلفت ملايين الضحايا، حيث مارس المستعمرون الأوروبيون أساليب وحشية في استغلال ثروات البلاد الطبيعيّة. وبعد الاستقلال، استمرت معاناة الكونغوليين في سلسلة من الحروب المدمرة – لا سيما صراع الكونغو ورواندا – التي غذّتها مطامع داخلية وخارجية للسيطرة على ما تزخر به أرض الكونغو من ثروات ومعادن نادرة. وفي كل مرحلة من هذه المراحل، كان للدول والشركات الغربية دور محوري: من استعمار دموي مباشر، إلى دعم أنظمة فاسدة وحروب بالوكالة، وصولاً إلى تدخلات معاصرة تدّعي إحلال السلام فيما تتخفى وراءها أطماع اقتصادية. يقف الضحايا الحقيقيون – وهم الملايين من أبناء الكونغو – شاهدين على قرن من النهب والاستعمار بأشكاله القديمة والجديدة، بينما تُنهب ثروات بلادهم لتعظيم أرباح قوى بعيدة عن معاناتهم.
فرض الاستعمار البلجيكي بقيادة الملك ليوبولد الثاني (1885–1908) نظامًا استغلاليًا فظيعًا في الكونغو الحرة أسفر عن انهيار سكاني كارثي. فقد أجبر السكان على جمع المطاط الطبيعي بكميات محددة لكل قرية، تحت طائلة العقاب الجماعي. كان جنود قوة الدولة العامة (Force Publique) – ومعظمهم مجندون أفارقة يعملون بإمرة ضباط بيض – ينفذون هذه السياسات بوحشية مفرطة. فإذا قصّرت أي قرية في توريد حصتها من المطاط، تعرض أهلها لهجمات انتقامية شملت أخذ الرهائن وإعدامهم ميدانيًا، فضلًا عن إحراق الأكواخ والقرى بالكامل كوسيلة لترهيب الآخرين. ولم يكتفِ المستعمرون بذلك، بل لجأوا إلى ممارسة مروّعة اشتهرت بها تلك الفترة: قطع أيدي الضحايا. كان يُطلب من الجنود البلجيكيين ومساعديهم أن يقدموا يدًا مبتورة عن كل رصاصة يتم إطلاقها، كدليل على قتلهم لمن “عصوا الأوامر”. وهكذا أصبحت سلال الأيادي المقطوعة الموضوعة تحت أقدام الضباط الأوروبيين رمزًا مرعبًا لحكم الرعب في الكونغو الحرة. بل تحوّل قطع الأيدي إلى عملة بحد ذاتها: يستعيض بها بعض الجنود عن الحصص المطلوبة من المطاط إذا عجزوا عن توفيرها، ويتقاضون
ارسال الخبر الى: