تتسع المدينة ويفقد الوصول معناه

٢٧ مشاهدة
أ المدينة متاهة وأشباحا كان ليل تلك المنازل المنفردة مفرطا في اخضراره الداكن رطبا لكن ليس إلى درجة أن يشل أطراف النسيم بوابات مفتوحة ومواربة ونفس مجهول يضخ برتابة منعشة طاقة للسهر في الداخل العامر بالبهجة والسكينة كان الامتداد نحو الصحراء أكيدا واثقا غير مهجور ولكنه أيضا ليس مزدحما بحيث يغطي على شبح الرمال والنبات الصيفي الثر البسيط الأشكال المتكاثر بارتياح إلى إمكانيات وفرة متضاعفة المطمئن إلى حيوية صفرته واحتوائها على عصارة النار الضرورية للحياة يانعا يكون الأصفر إذا ما عرف كيف يسرق مياه الأعماق ويحتفظ بأضواء المدينة وبعينات ممددة من عبقها الواخز المفغم كنت أصل أحيانا إلى الحدود وأدور في العتمة المطلقة حول المدينة المدينة التي تلبس الأضواء الزرقاء كجواهر سحرية تغير ألوانها باستمرار هل تعلم معنى أن تدور حول مدينة عملاقة في ليلة واحدة فصول كثيرة تتجاوز الفصول الأربعة المزعومة ستعرض لك أصوات مألوفة وأخرى عجيبة وأشباح من كل نوع يخطر ولا يخطر لك من الثراء الفاحش إلى الفقر المدقع تقودك قدماك أو هكذا تظن ويأخذ السلام على الناس يصبح تقليدا مرحبا به في تلك الجزر الصغيرة التي يتواتر نومها ويقظتها في الظلام الدامس من يصدق كم بيتا دعيت إليه في ساعات الليل الغريبة تلك على شرفة صغيرة على مستوى الشارع أو في باحة منزلية مدفونة بعيدا بعض الشيء عن الطريق الفلكي الذي يدور حول هذا البحر من العمران المتشبث بألغازه وتكاد تقسم لسامعيك غير المصدقين أنك حضرت إلى جانب سرير عجوز لكي تصرف عنه وحدته بعد نوم الجمع وأن امرأة لا تعرفها ناولتك من نافذتها أمانة لا تفتح إلا بعد حين ومن كمها المنحسر شممت عبير الفوات والتمني كلمات تحتاج إلى تفسير تلتهم أطراف وقتك الغارق في العتمة هدايا صغيرة رخيصة وطيبة تحشى بها جيوبك وحقيبتك الصغيرة الباردة الرطبة وكلمات تحتاج إلى تفسير تلتهم أطراف وقتك الغارق في العتمة يعرض عليك المارة في مركباتهم أن يريحوك من عذاب الطريق ترفض ثم ترضى ثم ترفض ثم ترضى مجددا ولكن المدينة تتسع تتسع جدا ويفقد الوصول معناه لأن أسرارها تكثر على عدد شجرها الملوع أمام رياح الهزيع العميق ذاك الذي لا يحتسبه من ساعات الليل الزاعمون المعرفة وتتعدد أيضا الساحات الداخلية الصغيرة بين الأبنية الضبابية الكالحة ويزداد نصف الضوء إغراء وخبثا وهو ينوس بينك وبين الحقيقة ولكن على أطراف الوحشة الخبيثة تحيا الخضرة الداكنة التي لا يعرفها الناس وهناك تتوالد الأحياء التي يرفض النهار أن يعترف بها وتصير الأغاني المتروكة خافتة على الشرفات أكثر حنينا ومعنى وأعمق خطابا وأكثف صورا يتفرع الطريق العملاق إلى عشرات الأزقة والالتفافات الدقيقة وتصير المدينة أجمل وأجمل وأجمل مع أنها شبه نائمة لأنها شبه نائمة شبه النوم كنت تعرفه من ليالي الأرق الطويلة ولكنك الآن تعرفه حين يتمظهر في ألف ألف شكل ومع الناس جميعهم حين يتأرجحون بين اليقظة والنوم على شرفاتهم المخرمشة الجدران وخلف نوافذهم الغبشة وبين طيات أحلامهم العسلية التي تبث أنفاسها بين أغصان الشجر الشبحي وهو يترنح على حدود الأحياء الشاهقة فوق المرتفعات التي تهوي فجأة إلى حيث لا تخبرك الدكنة ثم تعرف أنك تقترب من حيث يخرج الصباح الصباح في عز بياضه وللحظة تعتقد أنك ترغب لو رأى الناس جميعهم ذلك المشهد اللغز وفي خضرته أيضا وأرجوانه الفياض وتراه ثم تبصر المدينة كاملة كما لم تكن من قبل جبالا من الرضا واليقين ولكن الليل البهيم يبقىوأكمل الطريق ب المدينة جبلا وعاصفة المدينة كلهاكانت منحدرا عظيماوالجمهور يبحث عن طريقهبين كريات الماء المندفعة في جميع الاتجاهاتوأنت تخرجين أخيراهناك في الحي الخفيض الراقد في نعيم الحلكة خارج الزوبعةلا أعرفكإلا كما يعرف شعاع الفجر حين يظهرتنادين علي تعال إلى بيتنا يا صديق الأيام الغريبة إلى الغرف الكثيفة والصباح الخفيف وأفهم فجأة الفرح في وجهكوتلك البسمة الأليفة التي لا تغيب هكذا كانت المدينةليلا خضما ورائحة أنواء شهيةوثقلا دسما على الشفاه التي ترغب في الكثير ولا تقولوزرقة موحلة تخلخلها أضواء الأسواق الكابيةكحلا محضا كلون كابوس يكشف أخيرا عن وجهه الحميدبغتة يسقط الضجر صريعابغتة أحس بأنك معيتمرين في نفس الشوارع البذيئةوأغار عليك من شبهة ألا يكون اسمك سرا عند العامةوأخاف أن تكوني هيوأنا لا أعرفك إلا كـأنت اسم جليل لا يذكر باستهانةلا ينطق به إلا مع صيغة المخاطبلأنك كالزوابع التي تصل في جوف الليل البهيمحرةمهيبةلا تنال منها العيون اللزجة شاعر وكاتب سوري مقيم في السويد

أرسل هذا الخبر لأصدقائك على

ورد هذا الخبر في موقع العربي الجديد لقراءة تفاصيل الخبر من مصدرة اضغط هنا

اخر اخبار اليمن مباشر من أهم المصادر الاخبارية تجدونها على الرابط اخبار اليمن الان

© 2024 يمن فايب | تصميم سعد باصالح