إلى أين تتجه فرنسا

٤٢ مشاهدة
تعيش فرنسا حالة من الاستقطاب السياسي والاجتماعي على بعد عشرة أيام من الانتخابات التشريعية المبكرة التي أعلن عن إجرائها الرئيس إيمانويل ماكرون بالموازاة مع قراره بحل الجمعية الوطنية بعد فوز اليمين المتطرف في الانتخابات الأوروبية ولعلها تزيد من حدة هذا الاستقطاب الخلافات التي تعصف باليمين واليسار على حد سواء وهو ما يضع الدولة والنخب والمجتمع أمام امتحان عسير تتقاطع عنده تحديات داخلية وإقليمية ودولية وتنبئ معظم التوقعات بأن اقتراع 30 يونيو حزيران الجاري سيشهد منافسة شديدة بين الجبهة الشعبية الجديدة التي تضم أحزاب اليسار الأربعة فرنسا الأبية الحزب الاشتراكي الحزب الشيوعي حزب الخضر من جهة وحزب التجمع الوطني اليميني المتطرف من جهة أخرى وهو ما أكده استطلاع رأي أجراه قبل أيام المعهد الفرنسي لدراسات الرأي والتسويق IFOP حيث حل التجمع الوطني أول بـ 33 متبوعا بـ الجبهة الشعبية الجديدة بـ 28 ثم حزب الأغلبية الرئاسية بـ 18 يعكس هذا الاستقطاب حسب كثيرين الحاجة لتعديل بوصلة السياسة الفرنسية التي تنعطف بسرعة نحو أقصى اليمين من دون أن يكون لدى النخب الفرنسية مشروع سياسي ومجتمعي واضح لمجابهة المد اليميني المتطرف والحد من تمدده الهادئ وسط فئات واسعة داخل المجتمع فالبرنامج الانتخابي للجبهة الشعبية الجديدة وإن ينصب على معالجة مشكلات اقتصادية واجتماعية وبيئية متراكمة فيما يبدو ثورة مؤسسية على الأوضاع القائمة في فرنسا إلا أن واقع الحال ينبئ بصعوبة إقناع هذه الفئات بجدوى البرنامج وقدرته على إحداث التغيير في ظل ما وصلت إليه السياسة الفرنسية من ركود ذلك أن دعم التعليم المجاني وإصلاح نظام التقاعد واستعادة القوة الشرائية للمواطنين وإصلاح النظام الصحي وتضريب الثروات الكبرى ودعم الفئات والأسر الفقيرة على أهميته كله قد لا يقنع الناخبين الفرنسيين الذين يرون في ذلك مجرد كلام موجه للدعاية الانتخابية يسعى منه الائتلاف اليساري الجديد إلى تشتيت الأصوات في اقتراع نهاية الشهر ما يعني ضمنا قطع الطريق على اليمين المتطرف كي لا يتصدر نتائج الانتخابات ويصبح رقما رئيسا في معادلة السلطة والقوة في فرنسا هذا إضافة إلى أن الظروف الاقتصادية التي تتحرك ضمن ظرف اقتصادي دولي محكوم بارتفاع معدلات التضخم والبطالة وتداعيات الحرب الروسية الأوكرانية وحرب غزة لا تسمح بتمويل مخططات اجتماعية ثورية كالتي تضمنها البرنامج الانتخابي للائتلاف اليساري بالموازاة مع ذلك هناك اختلاف بين مكونات الجبهة الشعبية سيما فيما يتعلق بشخصية الوزير الأول في حالة تصدر اليسار نتائج الانتخابات بسبب غياب شخصية تحظى بالتوافق داخل الجبهة وقادرة على قيادة الحكومة الفرنسية المقبلة هذا فضلا عن خلافاتها بشأن الحرب الروسية الأوكرانية وحرب الإبادة التي تشنها إسرائيل على قطاع غزة يسابق الرئيس ماكرون الزمن للحفاظ على التوازنات الحزبية والسياسية القائمة لأن تصدر اليمين المتطرف نتائج الانتخابات التشريعية المرتقبة سيخلط الأوراق في السياسة الفرنسية وقد يعيد هيكلة المشهدين الحزبي والسياسي بالكامل كما أنه سيضع الاتحاد الأوروبي بكل ثقله الجيوسياسي في مفترق الطرق بالنظر إلى أهمية السيادة الوطنية في برامج تشكيلات اليمين المتطرف في أوروبا وإذا كانت الخلافات التي بدأت تظهر داخل المعارضة اليمينية الفرنسية تصب في مصلحة أحزاب اليسار فذلك لا يغير من واقع الأمر شيئا كون فرنسا تجابه اختبارا عسيرا لا يتعلق فقط بها دولة ومجتمعا بقدر ما يتعلق أيضا بدورها فاعلا رئيسا في حلف شمال الأطلسي ناتو والاتحاد الأوروبي وقد أكدت المسيرات التي شهدتها مدن فرنسية نهاية الأسبوع الفائت ضد اليمين المتطرف هذا الواقع على اعتبار أن ذلك قد يفسح المجال أمام انقسام داخل المجتمع فصعود اليمين الفرنسي المتطرف في الانتخابات الأوروبية كان عبر صناديق الاقتراع الشيء الذي يجعل دعوة شخصيات يسارية ونقابية فرنسية للتعبئة من أجل حماية الديمقراطية تنطوي على قدر غير يسير من التخبط الأيديولوجي والسياسي

أرسل هذا الخبر لأصدقائك على

ورد هذا الخبر في موقع العربي الجديد لقراءة تفاصيل الخبر من مصدرة اضغط هنا

اخر اخبار اليمن مباشر من أهم المصادر الاخبارية تجدونها على الرابط اخبار اليمن الان

© 2024 يمن فايب | تصميم سعد باصالح