بيروت تشهد على آلام وشجاعة صحافيين فلسطينيين داخل غزة
لم تكن صالة الكوليزيه في شارع الحمرا البيروتي مجرّد مكان لعرض فيلم مساء أمس الجمعة، بل مساحة لتجربة هزت مشاعر الجمهور الذي شاهد فيلم من داخل غزة الذي يوثّق يوميات صحافيي وكالة فرانس برس تحت القصف الإسرائيلي في القطاع الفلسطيني المدمّر والمحاصر. الدموع انهمرت مع اللقطات الأولى، والتصفيق دوّى طويلاً عند النهاية، كأنّ الجمهور أراد احتضان أولئك الذين بقوا محاصرين في الصورة. مشاهد صامتة تلتها تنهيدات خافتة، ووجوه متسمّرة على الشاشة، حيث تتحوّل الكاميرا إلى آخر ما تبقّى من صوت في غزة.
الفيلم الوثائقي داخل غزة (Inside Gaza) أخرجته الصحافية المستقلة هيلين لام ترونغ، وهو من إنتاج مشترك بين قناتي آر تي وآر تي بي إف البلجيكية، بمشاركة شركة فاكت ستوري التابعة لوكالة فرانس برس والمتخصّصة في إنتاج الأفلام الوثائقية. بُني على لقطات صوّرها فريق وكالة فرانس من داخل قطاع غزة الخاضع لحظر تام على المعلومات من الجيش الإسرائيلي. فيلم يحاول أن يلتقط، بعدسةٍ مرتجفة من كثرة القصف، صورةَ واقعٍ ينهار وأناسٍ يوثّقون سقوطه في الوقت نفسه.
جرى إجلاء الصحافيين السبعة مع عائلاتهم بين فبراير/شباط وإبريل/نيسان 2024، وهم يعيشون حالياً في الدوحة والقاهرة ولندن، ويعانون اضطرابات ما بعد الصدمة. وتعمل وكالة فرانس برس اليوم مع نحو عشرة مراسلين مستقلين في غزة.
الكثير من الصحافيين الذين غطّوا الأحداث هم من خرّيجي السنوات الأخيرة في الجامعات. بدأوا حياتهم المهنية داخل حرب إبادة. ومع ذلك، كما يقول مدير مكتب الوكالة في غزة، عادل الزعنون، الرسالة مستمرة.
منذ الأيام الأولى لحرب الإبادة الإسرائيلية، وجد الصحافيون أنفسهم وحيدين في الميدان. العالم محجوبٌ عن غزة، بعد أن منعت إسرائيل دخول أي صحافي أجنبي إلى القطاع. يقول الفيلم، بلغة الصورة، إنّ رواية ما يحدث باتت مهمّة من هم داخل الإبادة نفسها: أولئك الذين يصوّرون وهم يهربون، يكتبون وهم يدفنون أبناء زملائهم.
في الفيلم، شهاداتٌ مؤلمة عن استحالة إدخال صحافيين أو مصوّرين أجانب. يقول أحد المراسلين: كنّا نتمنى وجودهم، لأنّ الجيش الإسرائيلي كان يشكّك في مصداقية الصور
ارسال الخبر الى: