في مطلع الستينيات من القرن الماضي شاع استخدام الصحافة البريطانية لكلمة بيتليمانيا Beatlemania لوصف الأجواء الهستيرية المصاحبة لحفلات فرقة ذا بيتلز وعلى الرغم من الصخب غير المألوف المصاحب لحفلات الفرقة إلا أن هذه الهستيريا التي أثارت حفيظة الصحافة البريطانية حينها لم تكن قد بلغت ذروتها بعد كانت الفرقة المؤلفة من أربعة موسيقيين شباب تشق طريقها إلى العالمية في ذلك الوقت ولم يتوقع أحد كل هذا التأثير الذي كان يثيره أعضاؤها في كل مكان يحلون فيه لم يكن فريق ذا بيتلز الذي توهج بريقه عالميا على نحو مفاجئ طوال عقد الستينيات يمثل ظاهرة موسيقية فحسب بل اجتماعية ونفسية وسياسية أيضا ارتبطت حفلات الفرقة في هذه الفترة بالعديد من الظواهر غير المعتادة من إغماءات وصراخ متواصل وحشود من المراهقين تحاصر أماكن إقامة أعضاء الفرقة ليل نهار إلى جانب هذه التفاصيل كانت هناك العشرات من كاميرات التصوير تلاحق أفراد الفرقة من مكان إلى آخر بين المئات من عدسات الكاميرا التي تتبعت حركة فريق ذا بيتلز كانت هناك عدسة واحدة فقط هي التي نجحت في اختراق الحصار المفروض حول هؤلاء الفتيان الأربعة استطاعت هذه العدسة التسلل إلى مقرات أعضاء الفرقة وإلقاء نظرة قريبة على حجرات نومهم وتسجيل لحظات اختلائهم بأنفسهم ومسامراتهم لم تكن هذه العدسة سوى عدسة بول مكارتني 1942 أحد أعضاء الفرقة وكاتب كلمات معظم أغانيها مع زميله جون لينون كان مكارتني مولعا بالتصوير لذا فقد وجه كاميرته نحو زملائه في الفرقة وظل محتفظا بهذه الصور التي التقطها لزملائه كنسخ سلبية نيغاتيف حتى أعاد اكتشافها في عام 2022 ولأول مرة تخرج هذه الصور النادرة التي التقطها عضو الفرقة إلى النور ليراها الجمهور في معرض الصور الوطنية في لندن National Portrait Gallery يقام المعرض تحت عنوان صور بول مكارتني عين العاصفة ويستمر حتى الأول من أكتوبر تشرين الأول المقبل ومن المقرر أن ينتقل عرض الصور بعد انتهائه في لندن إلى متحف كرايسلر للفنون في الولايات المتحدة الأميركية ليتواصل حتى السابع من إبريل نيسان 2024 يضم المعرض أكثر من 250 صورة فوتوغرافية التقطها مكارتني بين نوفمبر تشرين الثاني 1963 وفبراير شباط 1964 هذه الفترة التي تسجلها الصور شهدت بداية الانعطافة الكبيرة في مسيرة الفرقة بتحولها من فرقة محلية إلى ظاهرة عالمية مثيرة للجدل تكشف الصور أعضاء الفرقة الأربعة وهم يتكيفون مع حياتهم الجديدة كأيقونات عالمية يظهر هؤلاء النجوم لأول مرة من دون حراسة بعيدا عن المسرح وصرخات المعجبين وكاميرات الصحف دور بول مكارتني كعازف غيتار وأحد مؤلفي الأغاني الرئيسيين في فرقة البيتلز معروف وموثق جيدا غير أن براعته خلف عدسة الكاميرا كانت مجهولة تماما في هذا المعرض يتم الاحتفاء بمكارتني كموسيقي ومصور أيضا ما يوفر منظورا جديدا وشخصيا لأبرز فرق الروك في التاريخ يحمل المعرض أهمية كبيرة لدى عشاق فرقة البيتلز والمهتمين بتاريخ هذه الظاهرة وهو يعد فرصة لرؤية أعضاء الفرقة بعيون أحد أعضائها تركز الصور على عامين فقط من مسيرة الفرقة بداية من الظهور التاريخي لها في أحد أشهر البرامج التلفزيونية في الولايات المتحدة الأميركية ظهرت الفرقة على شاشة التلفزيون الأميركي في إحدى حلقات برنامج إد سوليفان شو Ed Sullivan Show وشاهدها أكثر من 73 مليون أميركي وهو رقم غير مسبوق في تاريخ المشاهدات التلفزيوينة في ذلك الوقت ساهم ظهور الفرقة في هذا البرنامج في انتشارها والتعريف بها على نطاق واسع داخل الولايات المتحدة والعالم انعكس هذا الانتشار على كثافة الحضور في أول حفل للفرقة في أميركا إذ حضره نحو 55 ألف متفرج وكانت المرة الأولى التي ينظم فيها حفل غنائي داخل أحد ملاعب الكرة توفر الصور نافذة قريبة على أعضاء الفرقة الأربعة جون لينون وجورج هاريسون ورينغو ستار فضلا عن صاحب الكاميرا جون مكارتني تحكي كل صورة من الصور المعروضة قصة مختلفة وترسم ملامح هذه الفرقة التي لم تكن تصنع الموسيقى فحسب بل تشكل المشهد الثقافي وذائقة الناس خلال حقبتي الستينيات والسبعينيات تقول سارة تومسون أمينة المعرض إن الصور الفوتوغرافية التي التقطها بول مكارتني ليست مجرد شهادة فقط على عينيه الثاقبتين وقدرته على التقاط جوهر اللحظة بل لكونها تتبع عن قرب هذه الفرقة الاستثنائية وهي تغزو العالم إضافة إلى الصور نفسها يتضمن المعرض أيضا عددا من المقابلات مع مكارتني للحديث عن ذكرياته عن تلك الحقبة يوفر هذا البعد الإضافي سياقا غنيا لفهم أهمية هذه الصور ما يتيح للزائرين اتصالا أعمق بالرجل الذي شهد هذه اللحظة الاستثنائية في تاريخ الموسيقى وساهم في خلقها