لا أعرف سبب إنتاج شركة باراماونت فيلما بهذه النوعية فالمعروف أن أفلام هوليوود تمر عبر فلاتر تقنية ومعرفية لتبلغ حيز الوجود بمظهر متماسك ولو شكليا لكن بوب مارلي ـ حب واحد 2024 يبدو استثناء رغم التعاون مع رينالدو ماركوس غرين مخرجا بعد نيله سمعة طيبة بإنجازه كينغ ريتشارد 2021 بوب مارلي عن المغني الجامايكي المشهور لا ينتمي إلى الروائي أو الوثائقي المعتمدين هوليووديا على الأقل ولا يقدم نفسه نوعية سينمائية جديدة أيضا إذ يتأرجح بين الـدوكودراما المصنوعة منزليا ووسائل الإيضاح المدرسية التي تستجلب لكل جملة في الفكرة المؤسسة للسيناريو لقطة أو مشهدا منفصلين يشرحان تلك الفكرة أو يأتيان بمخطط توضيحي لها ما يخرجه من سياق حكاية متماسكة تصلح لفيلم روائي أو تستحضر مشهدا وثائقيا مفصليا يضيف إلى سيرة حياة مغني الـريغي بوب مارلي 1945 ـ 1981 فالمعروف عنه عامة استخدم في الفيلم عبر لقطات إيضاحية مبعثرة تعيد شرح المعروف عنه بالصورة المتحركة الخيط الوحيد الجامع كل هذه البعثرات الفيلمية الذي تمت إضاءته كامن في الرستفارية الحركة الدينية الاجتماعية التي نشأت في البيئات الفقيرة المعدمة في ثلاثينيات القرن الماضي في جامايكا حركة لها تفسير خاص للكتاب المقدس في ظل توجهات أفريقية تدعو إلى العودة إلى الأصول الحضارية لأفريقيا وتمارس شعائرها بالموسيقى والغناء والحوار من عاداتها المميزة إطالة الشعر بطريقة كثة وتدخين القنب الهندي على الأساس الرستفاري ينظر إلى بوب مارلي في حب واحد داعية أو مبشرا رستفاريا قياسا إلى المبشرين الأميركيين البروتستانت الذين يحق لهم تأسيس كنائسهم الجديدة بناء على نظرة جديدة للكتاب المقدس لذا لا يبدو مارلي فيه موسيقيا صرفا أو مهموما بالفن والشهرة والسياسة عام 1965 كانت هناك حرب أهلية في جامايكا إلا بقدر ما يخدم دعواه الرستفارية التي لم ترصد مفاعيلها وتأثيراتها في الفيلم رغم محورية ما بني الفيلم عليه مع هذا بدت الرستفارية غير مفهومة ولا تؤدي إلى فهم موقف مارلي إزاء الحرب الأهلية والموسيقى والفن كل ما هنالك تنقلات عدة بين باريس ولندن وأميركا من دون الإشارة إلى حالات حكائية درامية سببت ذلك هنا صار المطلوب من المتعمقين في معرفة بوب مارلي ملء الثغرات التاريخية والدرامية دفاعا عنه لا عن جودة الفيلم للكاريزما موقع تأسيسي ومفصلي في صنع أفلام السير الحياتية إنها سبب التميز الشخصي أو ما يسمى بـالحضور المؤثر وسط متشابهين كأوساط موسيقى الريغي أو الغناء الحلبي هذه الميزة الكاريزما مفقودة تماما في أداء كينغسلي بن ـ أدير مارلي ولاشانا لينش زوجته ريتا التي يفترض بها أن تفوقه قوة وحضورا نظرا إلى تأثره الشديد بها ينسحب هذا على بقية الأدوار أيضا ما يفضح عدم وجود نص متماسك ومدروس للشخصيات وتناسبها مع تأثيراتها في الخطوط الدرامية هناك أيضا عدم تدخل المخرج في إدارة الممثل إلا في ما يخص مطابقة حركته على المسرح رقصا وتلويحا مع الحركات الموثقة بصريا لمارلي هذا الأداء التمثيلي سحب من الفيلم نسغا إبداعيا جماليا إذ بدا الممثلون غير مكترثين بأهمية مارلي فظهروا كأنهم يؤدون مادة إعلانية عن سلعة مشهورة لا يهمهم إن كانت جيدة أم سيئة أصحيح أن بوب مارلي استطاع إيقاف الحرب الأهلية في بلده كما أراد في بداية حب واحد وتحقق استعراضيا في نهايته من يصدق هذا يزيد من سذاجته فموسيقاه وغناؤه جاءا في سياق عالمي عن العدالة والحقوق المدنية والثورات السلمية للملونين وفهمت دعواه الرستفارية حينها في سياق يساري إذا صح التعبير في الفيلم يحمل مارلي ما لا يستطيع حمله ليس لأنه لا ينظر إلى شغله نظرة متماسكة منطقيا ودراميا بل لأن الفيلم نفسه يحمل الرؤية وعكسها فهذا الرجل خارج السياسة تماما وفي دعوة دينية يغني ويبشر بمبادئها كيف له إنهاء حرب أهلية سياسية السبب لمجرد ظهور زعيمين يتقاتل أحدهما مع الآخر على خشبة مسرح مع مارلي داعية السلام هذه رؤية ساذجة خاصة أن مارلي لم يكن موجودا في بلده فترة الحرب بل في لندن وباريس اللتين لم تظهرا في الفيلم بل أشير إليهما فقط لم يعرف الفيلم نجاحا كبيرا رغم استخدامه هذا الاسم المشهور لا في المهرجانات ولا في شباك التذاكر 177 مليون دولار أميركي إيرادات دولية مقابل 70 مليون دولار ميزانية إنتاج إذ كان واضحا الرهان على محبي مارلي كونهم مشاهدين وهذا لا يقارن بفيلم مولد نجمة 2018 لبرادلي كووبر مع لايدي غاغا الفيلم الموسيقي الذي يروي قصة نجاح كلاسيكية فالفرق هنا ليس فنيا فقط بل في أنواع الأجيال التي تتابع السينما وتعرف أبطال القصص معرفة حالية ومنها تأتي الأرقام الكبرى لشباك التذاكر شرط أن يكون الفيلم مصنوعا جيدا أيضا لا يضيف حب واحد شيئا على المعروف عن بوب مارلي إذ يمكن معرفة الكثير في الإنترنت بل أكثر بكثير الفيلم قليل الإبداع ومخيب يفتقر إلى شروط كثيرة للفرجة والإدهاش إنه محاولة تبسيطية لتوثيق الموثق الظاهر للجميع بمجرد كبسة زر موبايل