بنطال غير التاريخ كيف تحول الجينز من لباس قاس إلى أيقونة تمرد
39 مشاهدة
ولعل الشهادة الوحيدة التي تتيح لنا تتبع لحظة دخول الجينز إلى العالم العربي، هي تلك التي دوّنها اليهودي المصري ألبير أريه، السياسي وابن أحد تجّار القاهرة في خمسينيات القرن الماضي. يروي أريه في مذكراته الشيقة أن والده، في أحد الأيام من عام 1950 سافر إلى فرنسا، وعاد بتوكيل من شركة فرنسية كانت تنتج الجينز، ليكون، حسب روايته، أول من أدخل هذا البنطال إلى مصر. في تلك الفترة، كان الجينز في مصر يُعرف باسم العفريتة وهو لباس يرتديه العمال، ما يجعل القصة أكثر إثارة حين نعلم أن تاجراً مصرياً هو من استشرف مستقبله التجاري. وقد اعترض الابن ألبير على صفقة والده، مشككاً في جدوى بيع سروال العمال في القاهرة، إلا أن والده التاجر أجابه بثقة، �اسكت هذا هو المستقبل�. وبالفعل، فقد امتلك الرجل حِسّاً تجارياً نادراً، إذ أدرك أن موجة الجينز التي غزت أمريكا وأوروبا ستجد طريقها قريباً إلى مصر.
الطريف في هذه القصة أنها تقلب السردية الشائعة عن دخول الحداثة إلى المدن العربية، والتي تفترض أن الشباب هم من أدخلوا الأزياء الجديدة. غير أن هذه الرواية تُظهر العكس: فالمبادر هنا هو الأب التقليدي، لا الابن الثوري، ما يكشف أن التاريخ مليء بالمفارقات، التي تُجبرنا على إعادة النظر في مسلّماتنا حول الحداثة والتقليد.

أما عالمياً، فقد تبنّت الولايات المتحدة الأمريكية الجينز بوصفه رمزاً لثقافتها، لكنه سرعان ما تجاوز حدودها ليصبح سلعة كونية. اليوم، يرتدي الناس الجينز بشكل شبه يومي في مدن العالم المختلفة، لكن تاريخه، كما تشير الباحثة كارولين بورنيل في كتابها �الجينز الأزرق� دار بلومزبيري، يحمل معاني أبعد من
ارسال الخبر الى: