بشرى النبوءة

شعر/عبدالله البردوني
بشرى من الغيب ألقت في فم الغار
وحياً وأفضت إلى الدنيا بأسرار
بشرى النبوة طافت كالشذى سحراً
وأعلنت في الربى ميلاد أنوار
وشقت الصمت والأنسام تحملها
تحت السكينة من دارٍ إلى دار
وهدهدت “مكة” الوسنى أناملها
وهزت الفجر إيذاناً بإسفار
* * *
فأقبل الفجر من خلف التلال وفي
عينيه أسرار عشاقٍ وسمار
كأن فيض السنى في كل رابيةٍ
موجٌ وفي كل سفحٍ جدولٌ جاري
تدافع الفجر في الدنيا يزف إلى
تاريخها فجر أجيالٍ وأدهار
واستقبل الفتح طفلاً في تبسمه
آيات بشرى وإيماءات إنذار
وشب طفل الهدى المنشود متزراً
بالحق متشحاً بالنور والنار
في كفه شعلةٌ تهدي وفي فمه
بشرى وفي عينه إصرار أقدار
وفي ملامحه وعدٌ وفي دمه
بطولة تتحدى كل جبار
* * *
وفاض بالنور فاغتم الطغاة به
واللص يخشى سطوع الكوكب الساري
والوعي كالنور يخزي الظالمين كما
يخزي لصوص الدجى إشراق أقمار
نادى الرسول نداء العدل فاحتشدت
كتائب الجور تنضي كل بتار
كأنها خلفه نارٌ مجنحةٌ
تعدو وقدامه أفواج إعصار
فضج بالحق والدنيا بما رحبت
تهوي عليه بأشداقٍ وأظفار
وسار والدرب أحقادٌ مسلحةٌ
كأن في كل شبرٍ ضيغماً ضاري
وهب في دربه المرسوم مندفعاً
كالدهر يقذف أخطاراً بأخطار
* * *
فأدبر الظلم يلقي ها هنا أجلاً
وها هنا يتلقى كف… حفار
والظلم مهما احتمت بالبطش عصبته
فلم تطق وقفةً في وجه تيار
رأى اليتيم أبو الأيتام غايته
قصوى فشق إليها كل مضمار
وامتدت الملة السمحا يرف على
جبينها تاج إعظامٍ وإكبار
* * *
مضى إلى الفتح لا بغياً ولاطمعاً
لكن حناناً وتطهيراً لأوزار
فأنزل الجور قبراً وابتنى زمناً
عدلاً… تدبره أفكار أحرار
* * *
يا قاتل الظلم صالت هاهنا وهنا
فظايعٌ أين منها زندك الواري
أرض الجنوب دياري وهي مهد أبي
تئن ما بين سفاحٍ وسمسار
يشدها قيد سجانِ وينهشها
سوطٌ… ويحدو خطاها صتت خمار
تعطي القياد وزيراً وهو متجرٌ
بجوعها فهو فيها البايع الشاري
فكيف لانت لجلاد الحمى “عدنٌ”
وكيف
ارسال الخبر الى: