آمال واسعة وتحديات قاتلة يصعب تجاوزها بين تجمع لـشركاء متشاكسين لم يتحول بعد إلى كيان مؤسسي أو تحالف ذي معالم واضحة تحققت غايته في تغيير النظام المالي العالمي النافذ منذ عام 1944 والحد من هيمنة الدولار على أسواق المال هكذا خلص خبراء اقتصاد وسياسيون شاركوا في مؤتمر بريكس وآفاق التعاون الاقتصادي والثقافي بالمركز الثقافي الروسي في القاهرة افتتحه رئيس وزراء مصر الأسبق عصام شرف والسفير الروسي جورجي بورسينكو استهدفت النخبة عبر جلسات موسعة شارك فيها قادة عسكريون وأساتذة جامعات بحث دور تكتل مجموعة بريكس الاقتصادي والاجتماعي والثقافي منذ إنشائه وحتى توسعه أخيرا بضم مصر وإثيوبيا وإيران إلى مجموعته الأساسية التي تضم البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب أفريقيا مع التركيز على مدى استفادة مصر من توجه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لإصدار عملة موحدة لـبريكس تفرض نظاما اقتصاديا وعالميا جديدا متعدد الأقطاب بعد مناقشة أكثر من 17 بحثا اقتصاديا واستعراض آراء عشرات المفكرين والتنفيذيين خلص المؤتمر الذي عقد منذ يومين إلى نتائج معاكسة لتكتل بريكس الذي اختلف الخبراء حول طبيعته واتفقوا على أنه ما زال تجمعا دوليا يمثل نحو 50 من سكان الكرة الأرضية نشأ لأهداف اقتصادية يقفز به بعض مؤسسيه إلى أهداف سياسية أكبر من قدراته تجعله غير قادر على تغيير النظام المالي والنقدي العالمي لكثرة الخلافات العميقة بين أعضائه وتشرذمه جغرافيا واختلاف الرؤى بين الدول جعلت الأرجنتين تنسحب من عضويته بريكس ومشاكل مصر المستعصية أوضح وكيل أول وزارة التجارة والصناعة السابق سعيد عبد الخالق أنه رغم ارتفاع حجم الناتج الإجمالي لتجمع بريكس إلى نحو 25 8 تريليون دولار عام 2023 بزيادة 14 6 تريليون دولار عن عام 2012 التي شهدت توسعه دوليا فإن الاستثمارات التي به تبلغ 355 مليار دولار بما يوازي 22 من حجم الاستثمارات العالمية تأتي أغلبها من الولايات المتحدة وإنكلترا واليابان وألمانيا والصين مشيرا إلى استحواذ بكين على 68 من الناتج المحلي الإجمالي لمجموعة بريكس تليها الهند وروسيا والبرازيل وجنوب أفريقيا أكد عبد الخالق أن بريكس لم تمتلك حتى الآن الوسائل التي يعول عليها المصريون في حل مشاكلهم المستعصية خصوصا المرتبطة بحل أزمة المياه مع إثيوبيا أو علاج الخلافات الحدودية بين السعودية والإمارات من جهة وإيران مؤكدا ضرورة امتلاك الإنتاج الكافي لحل مشاكلها المالية المستعصية وأوراق الضغط التي تدفع بها في وجه الأطراف المتنازعة على مصالحها وعدم التعويل على بريكس في الأزمات أشار عبد الخالق إلى أن اهتمام بريكس بقضايا الأمن الغذائي والطاقة لا بد أن يكتمل بتحقيق الأمن المائي ليصب في مصالح الدول وخصوصا مصر التي دخلت في مرحلة الشح المائي مع ضرورة تصعيد أهمية الأمن التكنولوجي والصناعي الذي تتميز به الصين والهند وروسيا دون غيرها من دول المجموعة والذي أصبح من أهم أعمدة الأمن القومي للدول بين الخبير الاقتصادي أن عضوية مصر في بريكس لم تأت بنتائج جيدة للاقتصاد مشيرا إلى أن زيادة حجم التبادل التجاري بين مصر ودول المجموعة منذ التحاقها بعضويتها في يناير كانون الثاني 2024 في ميزان قدره جهاز الإحصاء الحكومي بنحو 30 2 مليار دولار حتى نهاية أكتوبر تشرين الأول الماضي ارتفعت الصادرات من 3 5 مليارات إلى 3 7 مليارات دولار بينما زادت الواردات من 2 3 مليار إلى 24 مليار دولار بنسبة 17 بما يدفع إلى زيادة العجز الصافي بين الصادرات والواردات دون أن يشارك في فتح أسواق جديدة أو حل قضية الدفع بعملات بديلة للدولار في وقت تعاني فيه من أزمة العملة الصعبة تطرق عبد الخالق إلى عدم قدرة بريكس على حل الخلافات بين مصر وإثيوبيا في أزمة سد النهضة مطالبا الحكومة بأن تمتلك الأدوات والأوراق التي تجبر إثيوبيا على حل مشكلة المياه بما يضمن لمصر أمنها المائي والغذائي آلية لحل النزاعات من جانبه قال مساعد وزير الخارجية السابق رؤوف سعد إن الصورة الذهنية لتجمع بريكس تحتاج إلى تدقيق المفاهيم وتحديدها وتحديد آلية لحل النزاعات بين دول المجموعة قائمة على مبادئ الحوار ووضع محفزات للتبادل التجاري بدلا من الصدام وأوضح أن الدعوى بمواجهة العملة الأميركية وفك الارتباط بين الدولار وأسعار النفط لإنهاء البترو دولار وراء إحجام السعودية عن قبول عضوية بريكس حتى الآن وسيزيد الأمر تعقيدا بعد وصول دونالد ترامب إلى البيت الأبيض واعتباره المساس بالدولار تحديا للنظام المالي الذي يريد فرضه عالميا ويمس الأمن القومي الأميركي وخطرا سيؤدي إلى تحويل نظام التجارة العالمي بما يدعم رؤيته للخروج على العولمة وفرض حمائية تجارية وجمركية مضرة بالجميع يشير سعد إلى أن أهمية بحث تجمع بريكس توسيع اتفاقات التجارة الحرة بين الدول الأعضاء أفضل من التوجه نحو توحيد العملة والصدام مع الدولار الذي لن يسفر عن نتيجة وسيؤدي إلى توسيع الخلافات بين دول المجموعة التي يرتبط بعضها بالمصالح الغربية مثل الهند ودول الخليج مؤكدا أن القضاء على هيمنة الدولار ستعود بالضرر على دول بريكس لأنه ما زال يمثل 80 من حجم التعاملات النقدية والمعاملات الدولية وأشار المختص بالملفات الاقتصادية السابق بالخارجية المصرية إلى أن بريكس استهدفت عند إنشائها المنافسة وإحداث توازن في المعاملات الدولية والنظر في إصلاح مؤسسات المجتمع الدولي وتعزيز التعاون مع دول الجنوب وتشجيع التعاون على مستويات الأقاليم الجغرافية بعيدا عن الصراع السياسي لضمان توفير الأمن الغذائي للشعوب مبينا أن إعلان بوتين إصدار عملة بريكس الموحدة جاءت إشارة سياسية ذكية ومحسوبة في مواجهة الولايات المتحدة دون أن يتخذ إجراءات تنفيذية لتفعيل رغبته لتظل الدعوى في إطار التحدي السياسي للغرب أشار الخبراء إلى هيمنة الدولار على 60 من الاحتياطي النقدي العالمي مشيرين إلى أنه رغم تراجعه من 74 على مدار 10 سنوات فإن البنوك المركزية تتجه إلى اكتناز الذهب وتوسيع استخدام اليورو الذي اقترب من 20 من الاحتياطي النقدي دون التركيز على توسيع استخدامات اليوان الصيني والعملات الرئيسية لدول بريكس في التبادلات الدولية شركاء متشاكسون قال عميد كلية النقل البحري السابق محمد علي إن انضمام مصر إلى بريكس ساهم في اتساع الفجوة في قيمة الواردات مع دول المجموعة بما يعمق أزمة الدولار مشيرا إلى هشاشة الاستثمارات التي تأتي من التجمع لمصر والتي بلغت 891 مليون دولار فقط عام 2023 بما لا يسمح بأن تكون بريكس ركيزة للاستثمار رغم وجود روسيا والصين أهم داعمين لمصر الذين يتوليان أكبر مشروعات للطاقة والتبادل التجاري في مصر أكد الخبير الاقتصادي أن حل أزمة مصر لن يأتي عبر تحالفات تكون خاسرة بداخلها بل بزيادة الإنتاج والقدرة على توليد الدولار عبر مشروعات صناعية وإنتاجية محلية مشيرا إلى أن الدولار سيتراجع شأنه على المستوى الدولي في نهاية الأمر ووصف الباحث الاقتصادي عمر علاء دول تجمع بريكس بأنها شركاء متشاكسون يعملون وفقا لأجندات متقاطعة في ظل خلافات بينية وأخرى متصاعدة مع الغرب وفي كيان لم يستطع تطوير مؤسساته دون سكرتارية تنفيذية قادرة على متابعة جدول الأعمال على مدار العام أو إحداث اختراق للنظام المالي والنقدي العالمي رغم وجود أطراف أوروبية كفرنسا تعمل على تغييره منذ سنوات