بريطانيا بعد فوز العمال في الانتخابات الثأرية

٤١ مشاهدة
أسفرت الانتخابات التشريعية المبكرة التي دعا إليها رئيس الوزراء البريطاني ريشي سوناك عن هزيمة ساحقة لحزب المحافظين الذي يتزعمه وعن فوز كبير لحزب العمال بزعامة كير ستارمر بحصوله على 412 مقعدا من أصل 650 مقعدا ما يمنحه الأغلبية المطلقة في البرلمان الجديد ويمكنه من تشكيل الحكومة البريطانية المقبلة وحده ومن ثم سيحكم بريطانيا في السنوات الخمس المقبلة منهيا بذلك 14 عاما من حكم المحافظين المملكة المتحدة التي بدأت مع ديفيد كاميرون عام 2010 جرت هذه الانتخابات وسط مؤشرات عديدة على حدوث تغيرات في الجو السياسي العام في مختلف أنحاء المملكة وعلى تحول في اتجاهات تصويت الناخبين فيها بمختلف مكوناتهم حيث لم يعد كثر من البريطانيين يدينون بالولاء للأحزاب التقليدية الكبيرة خصوصا حزبي المحافظين والعمال الأمر الذي انعكس في العدد الكبير وغير المسبوق للمرشحين فيها الذي وصل إلى 4515 مرشحا بينهم 459 مرشحا مستقلا أي حوالي 10 من العدد الإجمالي للمرشحين فيما بلغ إجمالي عدد المرشحين 3321 مرشحا في انتخابات ديسمبر 2019 فوز العمال ومستقلين يدل على أن ولاءات الناخبين القديمة الموزعة بين العمال والمحافظين لم تعد معيارا ثابتا للخيارات السياسية اللافت في نتائج هذه الانتخابات خسارة شخصيات بارزة في حزب المحافظين مقاعدهم في البرلمان منهم ليز تراس التي تولت رئاسة وزراء بريطانيا أقصر فترة كما هزم وزير الدفاع غرانت شابس في دائرته الانتخابية أمام مرشح حزب العمال لكنه ليس الوزير الوحيد من حكومة المحافظين الذي خسر مقعده إضافة إلى خسارة المحافظين دوائر انتخابية عديدة كانت في السابق حكرا عليهم فيما تمكن حزب إصلاح المملكة المتحدة اليميني المتطرف برئاسة نايجل فاراج من دخول البرلمان للمرة الأولى في تاريخه بعد ثماني محاولات سابقة يبدو أن السمة الأساسية لهذه الانتخابات أنها أكثر انتخابات اتسمت بنزعات ثأرية في تاريخ المملكة ووصفتها أوساط سياسية بريطانية بالانتخابات العقابية إذ تعرض قادة حزب المحافظين وزعيمهم خاصة لضربة انتقامية قوية من الناخبين البريطانيين على سياساتهم وممارساتهم التي صنعوها في السنوات السابقة وأفضت إلى تراكم الصراعات الداخلية التي فجروها في داخل الحزب وكانوا مسؤولين عن كوارث وأزمات عديدة عصفت بالمملكة بدءا من تولي تيريزا ماي رئاسته ومن بعدها أسهم بوريس جونسون في تعميق الأزمات ثم توالت الأزمات مع ليز تراس ومن بعدهما ريشي سوناك ولعل الفوز الكبير الذي حققه حزب العمال في هذه الانتخابات لا يعبر عن حب الناخبين له بقدر ما يعبر عن كراهيتهم حزب المحافظين لذلك أراد الناخب البريطاني معاقبة هذا الحزب الحاكم بشدة ولم يغفر له مسؤوليته عن أزمات كثيرة لا تنحصر في الميزانية المصغرة التي قدمتها تراس في عام 2022 وأدت إلى زيادة رسوم الرهن العقاري وزيادة سعر الفائدة بل تتعداها إلى الأزمات التي خلفها بريكست وتزايد الصعوبات المعيشية لعامة البريطانيين وارتفاع نسب التضخم وتفشي الفقر وانتشار الجريمة وتردي الخدمات وتعميق الانقسام داخل التكوينات الاجتماعية بما ينذر بغلبة التطرف على الأحزاب البريطانية فضلا عن سلسلة الفضائح التي سببها قادته في مر السنوات الـ14 السابقة وكان جديدها أخيرا فضيحة المراهنة القذرة التي نجمت عن قيام أعضاء في حزب المحافظين بالرهان على موعد الانتخابات العامة قبل إعلانها الرسمي إن كان ثمة دلالات قدمتها نتائج هذه الانتخابات فإنها أظهرت أن الفوز الكبير لحزب العمال وفوز عدد غير قليل من المستقلين يدل بقوة على أن الولاءات السياسية في بريطانيا باتت متقلبة إذ لم تعد الولاءات القديمة للناخبين والموزعة بين العمال والمحافظين معيارا ثابتا للخيارات السياسية وعلى أن الناخبين يمكنهم معاقبة الساسة بشدة في حال فشلهم في تحسين أوضاع ناخبيهم وتلبية آمالهم كما أن الهزيمة القاسية للمحافظين قد تشكل مناسبة لفتح ميدان المحاسبة داخل هذا الحزب البريطاني التقليدي بغية تقديم إجابات كافية عن أسباب أسوأ هزيمة يتلقاها منذ عقود عديدة وبعد 14 عاما من تولي مقاليد الحكم في المملكة المتحدة دخل العمال الانتخابات تحت شعار التغيير الذي رفعهه ستارمر لكنه تغيير طاول الحزب أولا بنقل سياسات الحزب من اليسار إلى الوسط ودخل حزب العمال الانتخابات تحت شعار التغيير الذي رفعه زعيمه ستارمر لكنه تغيير طاول حزب العمال أولا وذلك عبر نقل سياسات الحزب من اليسار إلى الوسط واستدعى ذلك التخلص من القادة اليساريين فيه واتخاذ خطوات مترددة وسياسات لا تذهب بعيدا بما يكفي لتحقيق التغيير في الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية الذي يتخذه شعارا للمرحلة ولم يكتف ستارمر بالابتعاد عن اليسار الذي كان يرفع رايته بل طرد رفاق الأمس وبطش بهم واحدا تلو الآخر في مقابل تقربه من جماعات الضغط خاصة الإسرائيلية فتبنى رواية إسرائيل في حرب الإبادة على قطاع غزة الأمر الذي أفضى إلى امتناع فئات من البريطانيين عن التصويت لحزب العمال احتجاجا على تأييده إسرائيل في الحرب منتهكا بذلك تعهده بتعزيز السلام واحترام حقوق الإنسان ولعله كان لافتا أيضا أن جيريمي كوربين الذي طرده ستارمر من حزب العمال استطاع الفوز بالانتخابات والعودة إلى البرلمان مستقلا يدور السؤول بعد فوز حزب العمال في الانتخابات البرلمانية بشأن ما بعد الفوز في الانتخابات ويطاول ممكنات نجاح ستارمر وحكومته في تحقيق تعهداته وإحداث التغيير الذي ينشده عموم الناخبين البريطانيين وعما إذا كان سيبتعد عن تنفيذ سياسات قريبة من السياسات الليبرالية للمحافظين التي أضرت بأوضاع الفئات الوسطى والطبقة العاملة وعبثت بمليارات الجنيهات من أموال دافعي الضرائب ما يعني تكرار ما فعله المحافظون الذين عاقبهم الناخبون واستبدلوهم بساسة من حزب العمال لذلك هناك تخوفات من الوقوع في الدوامة الفارغة نفسها

أرسل هذا الخبر لأصدقائك على

ورد هذا الخبر في موقع العربي الجديد لقراءة تفاصيل الخبر من مصدرة اضغط هنا

اخر اخبار اليمن مباشر من أهم المصادر الاخبارية تجدونها على الرابط اخبار اليمن الان

© 2024 يمن فايب | تصميم سعد باصالح