برامج صندوق النقد والبنك الدوليين لماذا تفشل دوما
سُكب كثير من الحبر حول مدى جدوى ونجاح تطبيق الدول العربية وغيرها برامج صندوق النقد والبنك الدوليين، والتي بدأت علاقتها به منذ ستينيات القرن الماضي، ولا تزال أكبرها، مصر، غارقة في برنامج تِلو الآخر منذ أكثر من عشرة أعوام دون بادرة تحوّل جوهري في وضعها الاقتصادي والتنموي، بل بمزيد من التدهور في الحقيقة، رغم تضحياتها الجسيمة بقوت شعبها، بل وبيعها أعضاءها ضمن ما يُسمى ببيع الأصول، وبعد تطبيقها أكثر من ستة عشر برنامجاً مع صندوق النقد منذ أكثر من نصف قرن.
وهو ما يثير التساؤل بشأن أسباب عدم نجاح هذه البرامج، هل المشكلة في البرامج نفسها، أم في طريقة تطبيق الدول لها أم في الاثنين معاً؟ مبدئياً، ومنطقياً، لا يُفترض أن يتجاوز النجاح الأهداف المُحدّدة والمُعلنة. وقد حدّد الصندوق أهدافه من البداية بتحقيق الاستقرار النقدي والمالي بالأساس، وعرّف البنك الدولي نفسه بأنه مؤسّسة معنية بمشاريع البنى التحتية والحوكمة وما شابه. يعني ذلك أنه بعيداً عن الدعاية التي يُفترض ألّا تخدع دولاً ومسؤولين لم تَعِد المؤسستان أحداً بأن برامجهما تستهدف حل مشكلات التنمية الكبرى، وإن زعمتا أنها تمهّد الطريق لذلك.
وفي هذا تحديداً يمكنهما المراوغة بادعاء عدم تعمّد الكذب، على الأقل ظاهرياً. فمن الوجهة التقنية، لم تكذب المؤسستان فعلاً، بل استبطنتا ضمنياً جوهر نظرية التحديث الخمسيناتية، التي صوّرت للمُستعمَرات المتحرّرة حديثاً أنها ليست بحاجة لسياسات خاصة للتنمية، بل يكفيها السير على طريق وطريقة الدول الرأسمالية المتقدمة، وستلحق بها تدريجياً عبر المراحل الخمس التي وضعها المؤرخ الأميركي والت ويتمان روستو، بديلاً عن الخمسية الشيوعية، بإيعاز من المخابرات المركزية الأميركية!
التنمية ليست الهدف: أجندات الأمولة والاستتباع
الواقع أن التنمية بمعناها المعروف تاريخياً، كونها عملية تطوير كمّي وكيفي شامل للهيكل الاقتصادي بمجموعه وصولاً إلى القدرة على النمو الذاتي المستقل، هي شيء أكبر وأوسع كثيراً من أهداف الاستقرار النقدي والمالي التي يحقّقها الصندوق بوسائل محدودة أيضاً، من قروض قصيرة الأجل لمعالجة عجوزات موازين المدفوعات، وشكل ليبرالي خاص من الإصلاح المؤسّسي، يقتصر معظمه على
ارسال الخبر الى: