بدر دحلان والسجن الذي نعرفه

٥٤ مشاهدة
بعينين شاخصتين كأنهما خرجتا للتو من مقبرة كأن إنسانا وجد نفسه فجأة في العذاب وهو يؤكد وجود خلل ما لأنه ما زال حيا وظل يطرق الباب الحديدي الموصد بكلتي يديه ساعة وراء ساعة دون أن يرتاح لدقيقة واحدة والتراب يغطيه والأرض تأكله ومن بالخارج يظنونه شبحا وما زال يطرق الحديد حتى ذابت عظامه وساعداه وانهال جلده على عظمه لمدة ثلاثين يوما دون أن يرتاح لحظة واحدة ثم خرج بأعجوبة لتبقى عيناه المشدوهتان شاهدتين ومشهودتين على الكابوس الذي عاشه بعينين مفتوحتين لشهر كامل هكذا خرج بدر بدر دحلان من سجون الاحتلال الإسرائيلي وقد فعل به ما فعل وهو شاب بسيط لا يملك من أمره شيئا وقد كان حريا بالبدر أن يتمدد وسط النجوم مرتاحا في سماء صافية يتكئ بين سحابتين ويبصر بعينيه المزهرتين بالخضار الجنة من مكانه كل صباح وهو مرابط دون أن يدري في أعظم بقاع الأرض صبرا وفي أشرف أهل الأرض قصدا لكن عدوه يغتال الجمال نفسه والبراءة والطيبة في عيون الأبرياء ولو استطاع لقصف القمر نفسه بدر أخذني الاسم والحالة والمشهد إلى بدر آخر اسم لسجن كبير يضم بداخله آلاف الأقمار والبدور الحقيقية داخل صحراء لا سماء وفي أصفاد لا أفلاك وفي زنازين لا مجرات وفي نيران لا شآبيب يحاكمون لأنهم من عالم آخر لا يقبل الناس فيه الظلم ولا الطغيان ولا يسكتون على الفساد والمذابح فكان نصيبهم أن يوضعوا في قاع من قيعان الدنيا سقر الحياة لا الآخرة من صنع بشر ظنوا أنفسهم آلهة واعتقدوا من إمهال الله لهم أن بيدهم الهلاك والنجاة حرموا عينيه من رؤية الحياة ومنعوا رئتيه من تنفس الهواء وحجبوا أذنيه من سماع اسمه بأصوات الذين يحبهم على بعد نحو 300 كيلومتر من القاهرة وعلى طريق الصحراء الغربية يقع ذلك الـبدر معتقلا مشبوحا لا يرى الشمس مجازا لكنها تأكل من لحمه حقيقة في ذلك الجو المستعر ولا تهمة للقابعين في تلك المقابر إلا أنهم أرادوا حياة كريمة كما أرادها أهل غزة أيضا نظرات بدر وعيناه ذكرتني بعزيز لي في بدر الآخر كان يملك الشعر نفسه والمحيا الجميل والعيون الخضراء لكنهم حرموا عينيه من رؤية الحياة ومنعوا رئتيه من تنفس الهواء وحجبوا أذنيه من سماع اسمه بأصوات الذين يحبهم وهو مجرد رقم في سجل السجانة منذ أحد عشر عاما وعشرات آلاف مثله بدور تعتقلها الظلمات لو كان لسجن بدر وأمثاله من سجوننا أي وجه يعبر عن وجوه المحبوسين بالحديد والنار في داخله لما عبر عنها وجه في الدنيا أبلغ ولا أصدق ولا أوجز من وجه بدر وما بين البدرين شعب يبحث عن النور واحتلال يطارد القناديل

أرسل هذا الخبر لأصدقائك على

ورد هذا الخبر في موقع العربي الجديد لقراءة تفاصيل الخبر من مصدرة اضغط هنا

اخر اخبار اليمن مباشر من أهم المصادر الاخبارية تجدونها على الرابط اخبار اليمن الان

© 2024 يمن فايب | تصميم سعد باصالح