بداية قاسية كقسوة عيش في زمنين يختلف أحدهما عن الآخر قسوة منبثقة من تفكك حاصل في عائلة ومن حرب عالمية لا تزال حكايات فردية كثيرة فيها غير مروية بداية معقودة على عرض صحافي لفيلمين 2024 مشاركين في مسابقة الدورة الـ58 28 يونيو حزيران ـ 6 يوليو تموز 2024 لـمهرجان كارلوفي فاري السينمائي الدولي في ثلاثة أيام من الصيد للهولندي بيتر هوخندورن عودة أب من منفاه الاختياري في البرتغال إلى ابنه العازب وابنته المتزوجة والعودة محملة بكم هائل من مشاعر يصعب البوح بها أو ينفض البعض عن البوح بها وهذا أقسى عودة تمزج بين رغبة دفينة غير معلنة في اغتسال ومصالحة ونوع من قبول ضمني بمواجهة بقايا ماض بأشباحه وارتباكاته وصداماته أما إيما ورأس الموت للتشيكية إيفيتا غروفوفا فيستعيد لحظة تاريخية في الحرب العالمية الثانية 1939 ـ 1945 في منطقة سلوفاكية تحاذي الحدود الهنغارية وفي بيئة ريفية يعاني ناسها ثقل تعاون شباب فيها مع النازيين وفي منزل شبه متداع تقيم فيه ماريكا ألكسندرا بوربلي أرملة هنغارية تسعى إلى خلاص من مطاردة نازيين لها وتنقذ طفلا يهوديا يلجأ إليها بعد غياب والديه وشقيقه عنه بسبب المحرقة والقسوة إذ تتجلى بلغة بصرية أعمق وأخطر وأعنف من كل فعل مباشر تحرك أناسا وتصنع حالات وتضع كل فرد تقريبا أمام مرآة ذاته فينكشف ماضيا وتبرز خفايا وتصبح المواجهة امتدادا لذاك العنف المبطن مع أن في الأفق ما يشبه خلاصا غامضا والنهاية معلقة في لقطتين سينمائيتين بديعتين أب يودع ابنه أمام القطار وطفل يهودي مقتنع بأن امرأة تكون إيما تارة وماريكا تارة أخرى تحب الشمس ورجل وامرأة يظنان أنهما قادران على إنقاذه من موت أكيد كأن القسوة الأصيلة في أحداث فردية بحتة للغاية في ثلاثة أيام من الصيد ومنفلشة على جماعة في إيما ورأس الموت تفرغ ما في القلب والعقل والروح من كل شيء من دون تثبت بأن المقبل كفيل بترميم ذات وعلاقة مع الذات والآخر وإذ تنحصر القسوة بين فردين أب وابن في جهد يبذل وإن بشكل متوار في إزالة عوائق لتواصل أعمق فإن قسوة بيئة تصيب انفعالا وواقعا وتاريخا وعلاقات اجتماعية وهذا كله مفتوح على أهوال مخبأة في زوايا مطفأة قبل انكشافها في لحظات متتالية فتقول ما سيكون أصعب وأكثر هولا وضغطا ماريكا الخياطة التي تصبح أرملة بعد مقتل زوجها في الحرب تواجه وحيدة سلطات تبغي خنقها أو امتلاكها ضابطان سلوفاكي ونازي يريدانها سلعة جسدية مع أن السلوفاكي يظن أن فيه حبا لها والدا زوجها يغضبان من تصرفات تصل أصداؤها إليهما من دون معطيات حقيقية محيط متوتر وغاضب وإن بصمت إزاء الحاصل في بلد محتل وشباب فيه يتعاونون مع المحتل اليهودي المطارد يسبب مزيدا من ضغط رغم عدم معرفة كثيرين بوجوده كنيسة منصاعة لصدام آخر بين سلوفاكيين وهنغاريين ونازيين مع ما يعني هذا من انكشاف كم هائل من انشقاق في العلاقات والتواصل بداية كهذه مع لاحق بها في مسابقة بروكسيما غير بعيد عن قسوة مشابهة وإن تكن المعاينة الدرامية مختلفة تماما باعتمادها تجريبا بصريا أداة قول منبثق من وقائع وتفكير وتأمل هذه البداية تعلن أن الراهن لا يزال غارقا في تفكك ورفض وانزواء مع أن محاولات عدة تبغي تحررا من هذا لبلوغ نوع من راحة مطلوبة لكنها صعبة المنال كي لا يقال إن نيلها مستحيل وأن ماضيا أوروبيا ملعون بنازية أفعالها الجرمية متنوعة الأشكال حاضرة في بيئات كثيرة وإن يكن اهتمام السينما بها أقل من ذاك المنصب على يهود يتعرضون لأبشع جرم في القرن الـ20 فيلما بروكسيما 2024 يعتمدان مفردات وثائقية لسرد حكايتين من دون التزام صارم بمعايير وثائقية فالتجريب البصري أهم خاصة في Lapilli للسلوفاكية باولا دورينوفا إذ يغلب كلام كثير عن علاقة فردية للمخرجة بالطبيعة والمياه وقسوة الحياة هنا أيضا فتتحول الكاميرا إلى عين تراقب خرابا مع صوت راوية تمزج نبرته بين واقعية مفرطة في ارتباكها وتوقها إلى منفذ وبحثها في أسئلة وجود وعلاقات وغد وشعرية أقرب إلى بكائية مملة غالبا بينما تتوضح مسائل Trans Memoria للسويدية فيكتوريا فيرسو رحلة أفراد يرغبون في تحول جنسي مع ما في تلك الرحلة من أسئلة ومخاوف وقناعات