باولا كاريدي وشجرة توت في القدس

28 مشاهدة

في كتابها الجديد شجرة التوت في القدس تمسك الكاتبة والصحافية الإيطالية باولا كاريدي بخيط غير مألوف لتروي حكاية فلسطين والاحتلال: ليس عبر شهادات البشر، بل عبر أصوات الأشجار. من التوت البري إلى الزيتون والبرتقال، تغدو الطبيعة حافظةً للذاكرة ومرآةً للصراع.

بدأت فكرة الكتاب، كما توضح الكاتبة في مقدمتها، حين عاينت شجرة توت في شارع بمدينة القدس اعتادت عبوره يومياً، حتى اقتُلعت فجأة. تلك اللحظة غرست في ذهنها ضرورة الاستماع إلى أصوات الطبيعة التي شهدت طمس الهوية والتاريخ. وهكذا؛ وضعت أشجار التوت، والجميز، والنخل، والزيتون، والبرتقال، في قلب السرد، فصارت شاهدة على نكسات الاحتلال ومقاومة الذاكرة.

كاريدي، التي عاشت سنوات طويلة في القدس المحتلة، لم تكتب عن الجغرافيا بوصفها خرائط على الورق، بل بصفتها جسداً حيّاً يتنفس ويتألم. ترى أنَّ الشجرة ليست مجرد نبات، بل هي كائن شاهد، يختزن في جذوره كل ما مرّ على الأرض من نكبات وحروب وتهجير. ومن هنا، تتحول شجرة التوت المقدسية أو برتقال يافا أو جميز غزّة إلى سجلّ تاريخي صامت، لكنه أصدق من كثير من الروايات السياسية.

إحدى الأفكار الجوهرية التي يطرحها الكتاب الصادر عن دار نشر Errata Naturae، هي مفهوم الاستعمار النباتي، أي استخدام الزراعة والتشجير أداةً لإعادة تشكيل هوية الأرض. تشير كاريدي إلى أن مشاريع التشجير الإسرائيلية، مثل غرس غابات صنوبر على أنقاض القرى الفلسطينية المدمّرة، لم يكن عملاً بيئياً بريئاً، بل وسيلة لطمس المعالم الطبيعية الفلسطينية وإحلال مشهد جديد يخدم السردية الاستعمارية.

وسيلة لطمس المعالم الطبيعية وإحلال مشهد جديد لسردية الاستعمار

يخصّص الكتاب فصولاً لتاريخ أنواع محدّدة من الأشجار في فلسطين: الزيتون، الذي يُقتلع لبناء المستوطنات والجدار العازل وليُحرم الفلاح الفلسطيني من مصدر رزقه ورمزه الأقدم للصمود. برتقال يافا، الذي كان علامة تجارية عالمية على الازدهار الفلسطيني، قبل أن يُسجّل في الأسواق العالمية منتجاً إسرائيلياً. الجميز (السيكومور)، الذي ظلّ لعقود يظلّل شوارع غزّة والساحل، قبل أن يختفي بفعل القصف الإسرائيلي.

تؤكد كاريدي أنّ ما يجري في فلسطين ليس صراعاً دينياً كما

ارسال الخبر الى:

ورد هذا الخبر في موقع العربي الجديد لقراءة تفاصيل الخبر من مصدرة اضغط هنا

اخر اخبار اليمن مباشر من أهم المصادر الاخبارية تجدونها على الرابط اخبار اليمن الان

© 2016- 2025 يمن فايب | تصميم سعد باصالح