بانوراما المشهد البصري في القاهرة جولة في المعارض
لا تبدو القاهرة في هذه الأسابيع مدينة تُقارب نهايات العام بفتور، بل كأنها مدينة تعيد تنظيم نبضها الفني عبر سلسلة معارض تتوزع على مساحات العرض بها، مقدّمة بانوراما واسعة للمشهد البصري، وللانشغالات التي تحكم مخيّلة الفنانين اليوم، من الهشاشة اليومية التي تتكثف في غرف شبه فارغة، إلى استعادة الحداثة المصرية عبر أحد رموزها الأكثر فرادة، مروراً بلحظات الاجتماع الإنساني البسيطة، وتأملات الداخل، وانتهاءً بمشاهد الحياة التي تُعيد تعريف معنى البقاء. جولة سريعة بين مساحات العرض في هذه المدينة تُظهر كيفَ يتجاور الفنانون عبر مسارات تكشف اختلاف التصوّرات وطرائق النظر، وتمنح القارئ صورة بانورامية لحيوية المشهد رغم كل ما يمرّ به.
عمرو هيبة
في معرضه المقام حالياً في غاليري مشربية بوسط القاهرة، يواصل عمرو هيبة بناء عالمه البصري القائم على التقاط الهشاشة اليومية وتحويلها إلى مشاهد مُكثّفة بالمشاعر والرموز. لا يقدّم الفنان لوحات تُحاكي الواقع بقدر ما يستدعي أثره، في مساحات داخلية يغلب عليها الأزرق، ذلك اللون الذي يتحوّل في لوحاته إلى حالة مزاجية أكثر منه خلفية لونية.
في هذا المعرض الذي يحمل عنوان عندما تتنفس الجدران اللون الأزرق تظهر الغرف شبه الفارغة كفضاءات مُعلّقة بين الداخل واللامكان، غرف بلا امتلاء لكنها ليست خالية تماماً؛ فهي تحتفظ ببقايا حضور إنساني يتردّد في الجدران والظلال. وسط هذا الهدوء المشوب بالقلق، يقدّم هيبة جسداً ملفوفاً بضمادات أشبه بمومياء؛ ليس بوصفه رمزاً للموت، بل بصفته وجوداً معلّقاً بين ظهور واكتمال، وكائناً يبدو مؤجلاً؛ لأن حياته نفسها تبدو معلّقة في طور غير محسوم، يقاوم الزوال ويبحث عن زمن يناسب حضوره.
إلى جوار الجسد، يظهر القطّ عنصراً بصرياً لا يقل أهمية؛ ليس بوصفه كائناً منزلياً بريئاً، بل بصفته شاهداً صامتاً يراقب المشهد من زاوية اللوحة، كأنه الحارس العارف بأسرار المكان. اختيار القط ليس اعتباطياً؛ فهذا الكائن يعود كثيراً في أعمال هيبة، بوصفه عيناً بديلة ترصد ما يتخفّى وراء الصمت، كما يحمل في الثقافة البصرية دور المراقب الذي
ارسال الخبر الى: