باسل عباس وروان أبو رحمة من السجين الحقيقي
تكتسب التجربة الفنية الجديدة للفنانَيْن الفلسطينيين باسل عباس وروان أبو رحمة معنى إضافياً في هذا التوقيت، خصوصاً بعد الإفراج عن أربعة من أبرز الكتّاب الفلسطينيين الأسرى ممن أمضوا عقوداً في السجون الإسرائيلية: باسم خندقجي، وكميل أبو حنيش، وناصر أبو سرور، وخليل أبو عرام.
ففي قاعة مظلمة تتقاطع فيها الشاشات والظلال، يتردّد صوت امرأة تقول: ستكتشف أن السجن الحقيقي هو الخارج. من هذه العبارة، تنهض التجربة البصرية الجديدة للفنانين الفلسطينيين بعنوان سجناء الحب: حتى تشرق شمس الحرية، المعروضة حالياً في مركز نوتنغهام كونتمبوراري بالمملكة المتحدة، في تعاون مع متاحف في برشلونة وروتردام، وتتواصل حتى مطلع 2026.
العمل، وهو تركيب سمعي بصري يمتدّ على ثلاث واجهات ضخمة من الشاشات، يعيد صياغة تجربة الأسر الفلسطينية داخل فضاء فني تفاعلي يختلط فيه التوثيق بالشعر، والصوت بالضوء، والذاكرة بالألم. يعتمد المشروع على شهادات حقيقية لفلسطينيين وفلسطينيات مرّوا بتجربة الاعتقال — من كتّاب وفنانين ومغنّين — ليحوّل صدى أصواتهم إلى عمل فني يجسّد معاناة جماعية لا تزال مستمرة منذ عقود.
تستحضر المشاهد المعروضة فكرة أن الأرض نفسها صارت سجناً
في عملهما الجديد، يتحوّل الأرشيف إلى ذاكرة الأسر، حيث تتقاطع التجربة الفردية مع الأسطورة الجمعية. عبر مشاهد مصوّرة من الضفة الغربية، ولقطات لجدران السجن والأسلاك الشائكة، ينسج العمل خريطة عاطفية لحياة محاصرة لكنها تفيض بالمقاومة والجمال.
تستحضر المشاهد فكرة أن الأرض نفسها صارت سجناً، وأن السجن امتدّ إلى الخارج عبر الجدران والحواجز ونظام السيطرة اليومي. لكن، في المقابل، يقدّم عباس وأبو رحمة مشاهد تُظهر كيف تحوّل الفن والغناء والرسم إلى أدوات للبقاء والاتصال. إحدى الأسيرات تروي كيف سُجنت في زنزانة انفرادية لأنها غنّت، وأخرى تتساءل: من هو السجين الحقيقي؟ أنا، أم من ينفّذ الأوامر؟.
يُقابل القمع بانبثاق الخيال: رسومات تُحفر على الجدران، أغنيات تنتقل عبر الشقوق، وأيادٍ تلامس الأرض والماء كطقس تحرّري. في أحد المشاهد يلمس رجل شوك النبتة البنفسجية، شوك الحنظل الذي ينبت في القرى المهدّمة، فتتحول هذه اللمسة إلى رمز لصمود الأرض والذاكرة.
يتقاطع
ارسال الخبر الى: