من باستطاعته أن يهمس في أذن السيد الرئيس

٣٢ مشاهدة
يروى أنه في عهد الأباطرة الرومان وكي لا يصاب الحاكم بمرض التعالي والغرور كان مجلس الشيوخ يرسل إلى مدخل المدينة من يهتف بصوت عال مذكرا الحاكم عند عودته من الحرب تذكر أنك إنسان ليس ذلك فحسب وإنما كان يرافقه على الدوام شخصان أحدهما على يمينه والآخر على شماله يهمسون في أذنيه تلك العبارة منذ الأيام الأولى على تسلمه عام 1970 بدأ الرئيس حافظ أسد بخطوات إجرائية من شأنها تمكينه من الحكم لذا قام بتعيين أحمد الخطيب رئيسا للجمهورية سرعان ما نظم انتخابات ليصبح رئيسا في العام التالي قام باختراع ما سمي بالجبهة الوطنية التقدمية ولتحصين سلطاته المطلقة بإحكام صاغ في آذار 1973 دستورا جديدا استطاع من خلاله الإمساك بكل السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية ومع تحكمه في الجيش يكون بذلك قد ضمن تأسيس نموذج عسكري مطلق بات من الصعوبة بمكان انفكاك الشعب السوري منه وهو ما أكدته في الواقع سنوات الجمر التي ما زلنا نشهد فصولها من جهته حينما جاء الرئيس بشار إلى الحكم عام 2000 وعد السوريين بالانفتاح واجتثاث الفساد والإصلاح والتطوير ما لبثت أن نشطت المنتديات الثقافية والحركة السياسية في البلاد لكن سرعان ما تم إقفالها بالشمع الأحمر وملاحقة القائمين عليها بحجة أنها استعمار جديد كل من يرتادها جاسوس وخائن وفقا لعدنان عمران وزير الإعلام ليعود السوريون من جديد إلى السجن الكبير نفسه الحكاية نفسها تكررت بعد شهرين من اندلاع الاحتجاجات في آذار عام 2011 حينها تم إصدار ثلاثة مراسيم رئاسية إنهاء حالة الطوارئ وإلغاء محكمة أمن الدولة العليا وتنظيم حق التظاهر السلمي من ثم إجراء تعديلات دستورية في نهاية شهر شباط 2012 إثر زيادة حدة الاحتجاجات في عموم المناطق السورية وخروج بعضها عن السيطرة ألغيت من خلالها المادة الثامنة المتعلقة بقيادة البعث للدولة والمجتمع والسماح بالتعددية السياسية والحزبية من ثم تشكيل محكمة دستورية عليا من سبعة أعضاء يسميهم الرئيس بنفسه تختص بالإشراف على إعادة انتخابه وقبول طلبات الترشح والنظر في الطعون المتعلقة بصحة الانتخاب ومحاكمته بحالة الخيانة العظمى لكن ما إن تمت استعادة بعض المناطق بمساعدة كل من إيران وروسيا حتى تم النكث بتلك التعديلات لتبقى مجرد حبر على ورق وبدلا من إلغاء دور البعث بقيادة الدولة والمجتمع وعدم تسخير الوظيفة العامة أو المال العام لمصلحة سياسية أو حزبية أو انتخابية كما نص عليه الدستور الجديد تم الاستمرار في استباحة المال العام لمصلحة حزب البعث ولمصالح شخصية ليس ذلك فحسب وإنما تم إجهاض تلك التعديلات في عام 2016 من خلال تعديل قانون الانتخابات والسماح للجيش والشرطة بالمشاركة وذلك خلافا لمعظم جيوش العالم وبدلا من إلغاء قانون الطوارئ تم إحداث محكمة الإرهاب ليغلق بذلك جميع الأبواب حيال أي إمكانية تغيير ينشده السوريون حينما جاء الرئيس بشار إلى الحكم عام 2000 وعد السوريين بالانفتاح واجتثاث الفساد والإصلاح والتطوير ما لبثت أن نشطت المنتديات الثقافية والحركة السياسية في البلاد لكن سرعان ما تم إقفالها بالشمع الأحمر أي قدر هذا الذي حل على السوريين وأي مستقبل ينشدونه فإذا كان الدستور 2012 المطبق حاليا يتضمن 157 مادة من بينها 49 مادة لها علاقة مباشرة بالرئيس وإذا كان أعضاء مجلس الشعب معروفين سلفا من بعثيين تدرجوا من منصب إلى آخر منذ انتسابهم إلى اتحادات الشبيبة والطلبة وشيوخ وأمراء عائلات بعضهم متهمون بالتهريب والتجارة السوداء إضافة إلى عدد من تجار الأزمة وعدد من الضباط المتقاعدين وقادة مليشيات ساهموا في إجهاض تطلعات الشعب السوري في الحرية والاستقلال وهو في الواقع ما أورده مركز جسور للدراسات يوليو 18 2020 بأن مجلس الشعب لعام 2016 قد ضم عشرين عضوا من قادة المليشيات أو الداعمين لها والتي تم إدماجها لاحقا ضمن الفيلق الخامس أو تحولت إلى شركات أمنية إضافة إلى عدد من ضباط الجيش والأمن والشرطة المتقاعدين بحيث يمكن القول إن اختيار هؤلاء يتم من باب الرشوة الوطنية مقابل نوعية الخدمة التي قاموا بها بدوره مجلس الشعب السابق 2020 هناك 21 عضوا من رجال الأعمال يشكلون واجهات تجارية للمساعدة في التهرب من العقوبات الغربية بعضهم على لائحة العقوبات في حين أن عدد الأعضاء المرتبطين بالمليشيات بلغ 40 عضوا كذلك هناك 18 ضابطا متقاعدا كما لوحظ أن المجلس يكرر نفسه بنسبة 45 6 حيث أعيد انتخاب 114 عضوا للمرة الثانية على الأقل بل بعضهم يشغلون مقعدا منذ خمسة أدوار تشريعية في حين لوحظ مشاركة العسكريين والداخلية مشاركة واسعة بهدف زيادة عدد الأصوات مركز عمران للدراسات 20 تشرين أول 2020 كذلك لوحظ وجود قتلى ومفقودين ومهجرين في قوائم الناخبين وأنه تم ترشيح عدد من المطلوبين للعدالة الدولية وفوزهم بالإضافة إلى بعض المتهمين بارتكاب جرائم وانتهاكات ضد السوريين مركز إدراك للدراسات والاستشارات تشرين الأول 2020 وعليه فإذا كان مجلس الشعب المتوجب عليه مهام سن التشريعات وتصويب انحرافات السلطة ومحاسبتها على هذه الشاكلة وإذا كان الرئيس هو الذي يسمي قادة حزب البعث ومثلهم قادة أحزاب الجبهة الوطنية وهو الذي يقود المؤسسة القضائية والحكومة والجيش والأجهزة الأمنية وهو الذي يختار أعضاء المحكمة الدستورية العليا التي تحاكمه وإذا كان الدستور معطلا وفقا لما أشرنا إليه بينما النقابات مشلولة والمجتمع الأهلي مهشم نتيجة سياسة الإقصاء وطول عمر الأزمة فإن السؤال الذي يطرح نفسه بإلحاح من باستطاعته أن يهمس في أذن السيد الرئيس أنه بشر يخطئ ويصيب من باستطاعته السؤال كيف للسوريين أن يتخلصوا من الوصاية الأجنبية وجيوشها المحتلة كيف لهم معرفة فحوى الاتفاقات المتعلقة بسداد الديون الإيرانية والروسية كيف للسوريين أن يعيدوا بناء الوطن وبعضهم مصنفون من الدرجة الثانية والثالثة والرابعة كيف لهم العودة إلى بلدهم وبيوتهم آمنين من دون أن يتعرضوا للمساءلة أو الاعتقال ثم كيف وكيف

أرسل هذا الخبر لأصدقائك على

ورد هذا الخبر في موقع العربي الجديد لقراءة تفاصيل الخبر من مصدرة اضغط هنا

اخر اخبار اليمن مباشر من أهم المصادر الاخبارية تجدونها على الرابط اخبار اليمن الان

© 2024 يمن فايب | تصميم سعد باصالح