انقلاب وهمي يهز باريس
ضجت وسائل التواصل الاجتماعي، منذ أيام عدّة، بفيديو لنشرة أخبار من باريس تصف حال المدينة بعد انقلاب عسكري ضد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون. انتشر الفيديو، الأقرب إلى تقرير ميداني من عاصمة الأنوار، بشدة، وكان له أثر غير متوقع، إذ أعلن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أنه تلقى رسائل عدّة من رؤساء دول أفريقية حول ما يحصل في باريس، متسائلين إنْ كان ما يرونه حقيقةً.
الفيديو الذي طلب الرئيس الفرنسي من إدارة فيسبوك حذفه، ما زال متداولاً في وسائل التواصل الاجتماعي، لكن أثره الجاد يكمن في قدرته على رفع عتبة التصديق لدى كثيرين؛ ففيديوهات التزييف العميق تزداد واقعية يوماً بعد يوم، وهذه المرة لم يعد الأمر يتعلق بتزييف فضائح جنسية أو فيديوهات ساخرة للمشاهير، بل التهديد بانقلاب صدّقه بعض القادة.
المفارقة أن صانع هذا المحتوى لم يتردّد بالحديث مع وسائل الإعلام طمعاً بشهرة أكبر، فالفيديو الذي هزّ القصر الرئاسي في باريس، وبعد تداوله آلاف المرّات، كسب صانعه سبعة يوروهات فقط. لكن المفارقة أنه طالب مدرسة في بوركينا فاسو، عمره 17 عاماً، وكان هدفه كسب النقود عبر نشر الفيديو على تيك توك، ليضيف في حديث مع لو فيغارو أنه أراد أيضاً أن ينشر الخوف بين الناس، لأنّ وسائل الإعلام الفرنسية لا تنقل الصورة الحقيقية لما يحدث في بعض الدول الأفريقيّة.
إذن، نحن أمام مراهق أراد اللعب، فتسبب بأزمة وطنية من منزله. هو لم يربح كثيراً من النقود، لكنه نجح بخلق الخوف، وهذا بالضبط الخطر الذي يمثله الذكاء الاصطناعي، إذ يتيح لفرد واحد أن يخلق بلبلة في دولة بأكملها، يضطر إثرها رئيس الدولة هذه إلى شرح الأمر، وهذا بالضبط ما يجعل الذكاء الاصطناعي سلاحاً بين أيدينا، يتطور وتُكتشف مخاطره عبر استخدامه وليس دراسته في المخابر، فمساحة الاختبار هي الحياة الحقيقية وردّات فعل المستخدمين.
اللافت في هذه الحكاية هو الانقلاب في مفهوم التجربة العلمية؛ فالذكاء الاصطناعي لم يُجرّب ضمن بيئات معزولة لدراسة أثره وإمكانية الاستفادة منه، بل أُطلق إلى العلن وتُرك بيد ملايين
ارسال الخبر الى: