10 سنوات من انقلاب الحوثيين الدولة اليمنية مختطفة وممزقة

٣٢ مشاهدة
أسفر انقلاب الحوثيين في اليمن في 21 سبتمبر أيلول 2014 عن عشرية سوداء على البلاد إذ فرض واقعا جديدا غاب فيه العمل السياسي وصارت الجماعات والتشكيلات المسلحة هي من ترسم المشهد السياسي في البلاد في ظل عجز الأحزاب السياسية عن القيام بدورها بعد عشر سنوات من انقلاب الحوثيين أمسى اليمن منقسما سياسيا واقتصاديا واجتماعيا أيضا فباتت البلاد محكومة من قبل حكومتين وبرلمانين اثنين تتقاسمان السيطرة على الأرض اليمنية الحكومة الأولى معترف بها دوليا تتخذ من عدن عاصمة لها ويحكمها مجلس القيادة الرئاسي المكون من ثمانية أعضاء برئاسة رشاد العليمي والذي تم تشكيله في السابع من إبريل نيسان 2022 في العاصمة السعودية الرياض بالتوافق بين القوى السياسية اليمنية حيث انتقلت السلطة بموجب الاتفاق من الرئيس المنتخب عبدربه منصور هادي إلى المجلس الرئاسي وهناك حكومة أخرى تابعة للحوثيين تحكم من صنعاء باعتبارها سلطة أمر واقع يقع على رأس هرمها المجلس السياسي الأعلى الذي تم تشكيله في 28 يوليو تموز 2016 من الحوثيين والمؤتمر الشعبي العام بقيادة الرئيس الراحل علي عبدالله صالح ويرأسه حاليا مهدي المشاط وتشكلت الحكومة المعترف بها دوليا من عدة مكونات وقوى سياسية أبرزها المجلس الانتقالي الجنوبي الذي تم تشكيله في 2017 ويرأسه عيدروس الزبيدي بالإضافة إلى الأحزاب السياسية اليمنية وأبرزها المؤتمر الشعبي العام الجناح المؤيد للشرعية والتجمع اليمني للإصلاح والحزب الاشتراكي اليمني والتنظيم الوحدوي الشعبي الناصري بالإضافة إلى مكونات مناطقية أبرزها مؤتمر حضرموت الجامع وتحظى هذه الحكومة باعتراف دولي وتملك تمثيلا دبلوماسيا في الدول والمنظمات الدولية والإقليمية بينما حكومة الحوثيين لا تملك اعترافا إلا من إيران التي تتبادل معها التمثيل الدبلوماسي كانت إيران الدولة الوحيدة التي باركت انقلاب الحوثيين حين صرح مندوب مدينة طهران في البرلمان الإيراني علي رضا زاكاني المقرب من المرشد الإيراني علي خامنئي بأن ثلاث عواصم عربية أصبحت اليوم بيد إيران وتابعة للثورة الإسلامية وإن صنعاء أصبحت العاصمة العربية الرابعة التي باتت في طريقها للالتحاق بالثورة الإيرانية انقلاب الحوثيين يؤدي للحرب تسبب انقلاب الحوثيين باندلاع الحرب في اليمن منذ مارس آذار 2015 بعد تدخل التحالف العربي بقيادة السعودية والإمارات وقدرت الأمم المتحدة عدد ضحايا النزاع في اليمن بنحو 377000 شخص في نهاية عام 2021 وأدت الحرب إلى تمزق البلاد حيث باتت خاضعة لسيطرة جماعات وكيانات مسلحة وتتقاسم السيطرة عليها عسكريا ثلاث قوى رئيسية هي جماعة الحوثيين والحكومة الشرعية والمجلس الانتقالي الجنوبي شهدت الحقوق والحريات انتكاسة غير مسبوقة خلال سنوات انقلاب الحوثيين تسيطر جماعة الحوثيين على نحو 25 من مساحة الأراضي اليمنية إذ تحكم قبضتها على المدن الشمالية بما فيها صنعاء وهي المناطق الأكثر كثافة سكانيا حيث يسكنها 75 من سكان اليمن المقدر عددهم بنحو 33 مليون نسمة ويفرض الحوثيون نفوذهم على صنعاء وذمار والبيضاء وعمران وحجة وإب والحديدة والجوف والمحويت وريمة ونصف محافظة تعز والتي تعد أكبر محافظة يمنية بعدد السكان وأجزاء شاسعة من مأرب وأجزاء من محافظة الضالع في المقابل تهيمن الحكومة المعترف بها دوليا والقوى التابعة لها على 55 من مساحة الأراضي اليمنية بما فيها محافظة حضرموت التي تمثل مساحتها ثلث مساحة اليمن وهي من أبرز المحافظات النفطية وعلى أجزاء مهمة من مأرب التي تحتوي على آبار النفط ومحطة توليد الكهرباء كما تتحكم بالمهرة ولحج والضالع وتتقاسم مع الانتقالي الجنوبي السيطرة على أبين مثلما تتشارك مع الحوثيين النفوذ على محافظة تعز أما المجلس الانتقالي الجنوبي الذي تم تشكيله في 11 مايو أيار 2017 بدعم إماراتي ويتبنى فكرة فك الارتباط واستعادة الدولة الجنوبية وفق حدود ما قبل وحدة مايو 1990 فيسيطر على مدينة عدن وهي العاصمة المؤقتة للبلاد وعلى محافظة سقطرى ويتشاطر مع الشرعية السيطرة على أبين مع أفضلية نفوذه على مدينة زنجبار مركز المدينة كما يسيطر على شبوة التي تضم منشأة بلحاف للغاز وهي أهم منشأة نفطية في البلاد بالتوازي مع وجود حكومتين وعاصمتين سياسيتين أدى انقلاب الحوثيين إلى انقسام اقتصادي ومالي ومصرفي تمثل بوجود بنكين مركزيين أحدهما في صنعاء تابع لحكومة الحوثيين وبنك مركزي في عدن تابع للحكومة الشرعية في 2016 اتهم رئيس الوزراء اليمني الأسبق أحمد عبيد بن دغر الحوثيين بنهب خزينة الدولة والاستيلاء على ما تبقى من أموال الشعب متهما إياهم وصالح بنهب أربعة مليارات دولار من الاحتياطي النقدي في البنك المركزي فؤاد الصلاحي غياب الدولة ترتبت عليه اهتزازات أمنية في مختلف المدن شهدت سنوات انقلاب الحوثيين توقف صرف رواتب الموظفين منذ سبتمبر أيلول 2016 وتوقف تصدير النفط والغاز ما تسبب بانهيار كبير لسعر صرف العملة الوطنية والتي بلغت 1910 ريالات مقابل الدولار في مناطق سيطرة الحكومة الشرعية و535 ريالا مقابل الدولار في مناطق سيطرة الحوثيين فيما كان سعر الصرف في 2014 يساوي 214 ريالا مقابل الدولار وانعكس الانقسام الاقتصادي على أسعار السلع والخدمات التي شهدت ارتفاعا غير مسبوق وتراجع النشاط التجاري والطلب الاستهلاكي وتدهور الوضع المعيشي ما تسبب بأزمة إنسانية غير مسبوقة تكشف عن فداحتها الإحصائيات الصادرة عن المنظمات الدولية بحسب منظمة الصحة العالمية بات 18 2 مليون يمني بحاجة إلى المساعدات الإنسانية و17 8 مليون شخص بحاجة إلى المساعدات الصحية و17 مليون شخص يعانون انعدام الأمن الغذائي و17 6 مليونا يعانون من سوء التغذية و7 ملايين شخص بحاجة إلى العلاج والدعم الخاص بالصحة النفسية و6 1 ملايين شخص يواجهون مستويات طارئة من انعدام الأمن الغذائي وبحسب يونيسف لا يزال هناك قرابة 10 ملايين طفل بحاجة ماسة إلى المساعدات الإنسانية كما لا يزال أكثر من نصف السكان 18 2 مليون شخص بينهم 9 8 ملايين طفل بحاجة إلى الدعم المنقذ للحياة ومنذ اندلاع النزاع عام 2015 قتل أو أصيب أكثر من 11500 طفل لأسباب مرتبطة به بما في ذلك مقتل 3900 طفل وإصابة 7600 ويعاني أكثر من 2 7 مليون طفل سوء التغذية الحاد بينما يشكو 49 من الأطفال دون الخامسة من التقزم أو سوء التغذية المزمن وتشير تقارير إلى أن أكثر من مليونين و661 ألف طفل يمني في سن التعليم خارج المدارس بينهم مليون و410 آلاف فتاة ومليون و251 ألفا من الذكور تشكل هذه النسبة نحو ربع عدد الأطفال اليمنيين في سن التعليم المقدر بـ10 8 ملايين أي طفل من كل أربعة وتتحدث يونيسف عن أن الصراع في اليمن أعاق حصول 8 1 ملايين طفل على التعليم ما يعرض مستقبلهم للخطر انتكاسة للحقوق والحريات ضمن سنوات الانقلاب عرفت الحقوق والحريات انتكاسة غير مسبوقة إذ أصدرت جماعة الحوثي خمسة أحكام بالإعدام ضد صحافيين واعتقلت وهجرت مئات الصحافيين خلال السنوات العشر الأخيرة وكشفت نقابة الصحافيين اليمنيين في تقرير صادر عنها منتصف العام الحالي أن 45 صحافيا قتلوا منذ بدء الحرب في مارس 2015 إضافة إلى ذلك ما يزال هناك سبعة صحافيين معتقلين لدى مختلف الأطراف منهم أربعة لدى جماعة الحوثي هم الصحافي المخفي وحيد الصوفي والموظف في وكالة سبأ للأنباء نبيل السداوي والمصور في وكالة يمن ديجتال عبدالله النبهاني والناشط الإعلامي محمد النابهي ويوجد صحافيان لدى المجلس الانتقالي الجنوبي الشريك في الحكومة المعترف بها دوليا وهما أحمد ماهر وناصح شاكر إضافة إلى الصحافي محمد قائد المقري المخفي قسرا لدى تنظيم القاعدة بحضرموت منذ أكتوبر تشرين الأول 2015 وبحسب دراسة ميدانية لنقابة الصحافيين فقد كان في اليمن حوالي 365 وسيلة إعلام تعمل منها اليوم حوالي 200 وسيلة فيما توقفت 165 وسيلة بسبب الحرب وتأثيراتها ومن بين 132 صحيفة ومجلة تعمل 13 صحيفة فقط وتوقفت 119 صحيفة ومجلة ومن بين 147 موقعا إخباريا يعمل 114 موقعا فيما توقف 33 بسبب الحرب ناهيك عن حجب غالبية المواقع عن متابعيها داخل اليمن من قبل سلطة الحوثيين وعن الوضع القائم قال أستاذ علم الاجتماع السياسي فؤاد الصلاحي لـالعربي الجديد إن الدولة في اليمن مختطفة من جماعات وأحزاب ومليشيات وبالتالي ما كان سائدا من مؤسسات الدولة تم تجيير وظيفتها لصالح أطراف خاصة من هنا كان تعميم الفوضى والعبث السياسي مع تدخل الخارج الإقليمي والدولي داعما لكل هذه الجماعات بطرق مختلفة ولفت الصلاحي إلى أن غياب الدولة ترتبت عليه اهتزازات أمنية في مختلف المدن ومعها دب الصراع بل تم نقله من المدن إلى الريف ومع مزيد من الأزمات الاقتصادية تعرض النسيج الاجتماعي للتشوه ومعه انهارت منظومة القيم الاجتماعية والدينية ميساء شجاع الدين انقلاب الحوثيين على السلطة أدى إلى إغلاق الحياة السياسية وأكد الصلاحي أن الخروج من هذا الأمر الفوضوي لا يكون إلا باستعادة الدولة وظيفتها الإنمائية والأمنية وتعزيز الاستقرار وهي مسؤولية تتحملها النخب السياسية والحزبية وأعوانها وحال وعيها بهذا الأمر والإعلان عن مشروع وطني سيصطف المجتمع معها لتحقيق إعادة بناء الدولة أضاف لن يعرف اليمن الاستقرار إلا مع ظهور الدولة ونظامها المؤسسي القانوني ودون ذلك جماعات وأحزاب تبحث عن المحاصصة والغنيمة والمهمة الأساسية والوطنية اليوم هي العمل السياسي والميداني لإعادة الدولة وتمكينها من وظيفتها القانونية في عموم المجتمع وأشار إلى أن تدخلات الخارج قد لا تسمح ببناء دولة قوية لكن هذا الأمر مرهون بوعي وطني للنخبة السياسية والحزبية وهو الرهان الأساسي ومن دون ذلك ستستمر الأزمة طويلا ومعها غياب الدولة من جهتها قالت الباحثة في مركز صنعاء للدراسات الاستراتيجية ميساء شجاع الدين لـالعربي الجديد إن انقلاب الحوثيين على السلطة أدى إلى إغلاق الحياة السياسية إذ كانت هناك حياة سياسية وأحزاب وحراك سياسي واجتماعي وصل إلى ذروته في 2011 لكن قضي عليه سواء بالقمع أو بالانقلاب على مرجعيات العملية السياسية والمتمثلة بالدستور وما اتفق عليه اليمنيون في الحوار الوطني وبينت شجاع الدين أن الانقلاب على هذه الحياة السياسية خلق حالة انشقاق داخل المجتمع وقضى على كل الحراك السياسي والاجتماعي عبر القمع والانقسام الحاصل وأكدت غياب مشروع الدولة اليمنية وهو الغياب القائم حتى في ظل انتقال الحكومة الشرعية إلى العاصمة المؤقتة عدن وبالتالي ازدهرت الهويات الصغيرة والعصبيات بشكل غير مسبوق حتى في إطار المحافظة الواحدة أحيانا

أرسل هذا الخبر لأصدقائك على

ورد هذا الخبر في موقع العربي الجديد لقراءة تفاصيل الخبر من مصدرة اضغط هنا

اخر اخبار اليمن مباشر من أهم المصادر الاخبارية تجدونها على الرابط اخبار اليمن الان

© 2024 يمن فايب | تصميم سعد باصالح