عادت الحكومة الإسرائيلية برئاسة بنيامين نتنياهو بعد انسحاب حزب المعسكر الرسمي بزعامة الوزير بيني غانتس من حكومة الطوارئ التي تشكلت عقب الحرب على غزة إلى نواتها الأصلية لدى ولادتها حكومة يمينية بالكامل على الأقل وفق الاعتبارات الإسرائيلية فإزاء القضية الفلسطينية والحروب على الفلسطينيين وبعض القضايا الخارجية قد تختلف الأقنعة أحيانا بين يسار ووسط ويمين لكن الجوهر واحد تقريبا والعقيدة لا تختلف كثيرا الحكومة الإسرائيلية هل تحل مع هذا قد تؤثر بعض العوامل في توجهات الحكومة الإسرائيلية في قضايا تخص الفلسطينيين وقضايا داخلية وكذلك في نظرة العالم إليها إذ شكل غاتس وغادي آيزنكوت غطاء للحكومة أمام العالم باعتبارهما الصوت العقلاني فيها رغم مشاركتهما فعليا بحرب الإبادة على قطاع غزة لكن لا شيء يهدد بحل حكومة نتنياهو في الوقت الراهن مع أغلبية 64 نائبا في الكنيست من أصل 120 فما يجمعهم أكثر مما يفرقهم وسيمنح انسحاب غانتس وزيري الأمن القومي إيتمار بن غفير والمالية بتسلئيل سموتريتش مساحة أكبر للتحرك داخل الحكومة وممارسة ضغط أكبر على رئيسها بنيامين نتنياهو في سبيل المضي في مخططاتهما التي لم تتوقف أصلا قبل الحرب وبعد اندلاعها وقالت صحيفة هآرتس اليوم الاثنين يدرس نتنياهو حل مجلس الحرب بعد استقالة غانتس ولا تمثل استقالة غانتس وآيزنكوت خطرا كبيرا على حكومة نتنياهو فحزبهما لم يكن جزءا من ائتلافه الحاكم الذي يحتفظ بالأغلبية البرلمانية بـ64 نائبا أي بزيادة ثلاثة نواب عن الحد الأدنى لكن الاستقالة ستترك مجلس الحرب الذي تم تشكيله في 11 أكتوبر تشرين الأول الماضي دون تمثيل من أي حزب آخر غير الليكود يمين بزعامة نتنياهو وتألف مجلس الحرب من الأعضاء نتنياهو وغانتس ووزير الأمن يوآف غالانت بالإضافة إلى مراقبين هم وزير الشؤون الاستراتيجية رون ديرمر وآيزنكوت وزعيم حزب شاس أرييه درعي ومن شأن انسحاب بيني غانتس التأثير على صورة إسرائيل في العالم وفق بعض التوقعات وتعامل الحكومات والجهات المختلفة مع حكومتها ويعتبر الكاتب والصحافي في صحيفة يديعوت أحرونوت ناحوم برنيع أن غانتس وآيزنكوت أخطآ عندما لم يستقيلا قبل نحو ثلاثة أشهر عندما فقدت الحرب زخمها وأحبط نتنياهو إطلاق المزيد من المحتجزين الإسرائيليين في غزة ويرى الكاتب أن نتنياهو كان عليه الاختيار أو الحسم بين اتجاهين مختلفين أولهما استمرار الحرب في قطاع غزة وعلى الجبهة الشمالية حتى تحقيق ما يسمى النصر المطلق واستمرار التحالف مع سموتريتش وبن غفير والاتجاه الثاني وقف الحرب في غزة لمدة أربعة أشهر على الأقل وإطلاق سراح المختطفين واحتمال التوصل إلى تسوية على الحدود مع لبنان وتحالف إقليمي ضد إيران بقيادة الولايات المتحدة واحتمال للتطبيع مع السعودية وإعادة ترميم العلاقات الخارجية لإسرائيل ولكن نتنياهو ذهب نحو الخيار الأول ويعتقد برنيع أن الانسحاب سيجعل من الصعب على نتنياهو التخاطب مع الحكومات الأجنبية وخاصة مع الإدارة الأميركية لأنه فقد ورقة التوت التي غطت حكومته وعلى الرغم من ثقة الكاتب بأن الجيش الإسرائيلي سيواصل مهامه إلا أن التصدعات التي بدأت في قوات الاحتياط وكذلك في القوات النظامية ستتسع أكثر وخلص إلى أن حكومة اليمين الخالصة تجدد أيامها ولكن أيضا التمرد ضدها وعلى رأسه صرخات عائلات المحتجزين الإسرائيليين في قطاع غزة من جانبه يركز الصحافي والمعلق أمير تيفون في صحيفة هآرتس على علاقة العالم بحكومة نتنياهو بعد غانتس وآيزنكوت ويكتب أن الدول الصديقة لإسرائيل تخشى أن انسحاب غانتس سيقوي المتطرفين في الحكومة كما أنها قلقلة إزاء القرارات المستقبلية للحكومة بشأن الخطوات المقبلة في الحرب وكذلك مفاوضات الصفقة والأوضاع في الضفة الغربية وتنقل الصحيفة عن مصدر دبلوماسي غربي لم تسمه قوله لا شك بأن جميع الحكومات التي تدعم إسرائيل تدرك بأنه سيكون من الصعب عليها أكثر الاستمرار في دعمكم ويذكر أحد الدبلوماسيين في حديث مع الصحيفة بأن وجود غانتس وآيزنكوت في مركز اتخاذ القرارات منذ الأسبوع الأول للحرب ساهم في تصويت عدة دول إلى جانب إسرائيل في المنظمات والمؤسسات الدولية وفي التصدي لجزء من الضغوطات الدولية على إسرائيل وإقناع دول مهمة في أوروبا بعدم تبني موقف أكثر صرامة ضدها في حين أن جميع الحكومات المهمة في العالم الغربي لا تقيم أي علاقات مع الوزيرين في اليمين المتطرف سموتريتش وبن غفير ومعظمها يمتعض جدا من رئيس الحكومة نتنياهو والوزير المقرب منه رون ديرمر أما الصحافية والمعلقة السياسية في موقع والاه طال شيلو فترى أن دولة إسرائيل استيقظت اليوم على مرحلة جديدة من الحرب بحيث انتقل مقود القيادة إلى حكومة الـ 64 نائبا برئاسة بنيامين نتنياهو وشركائه المتطرفين كما اعتبرت أن انسحاب غانتس يعيد الحلبة السياسية الإسرائيلية إلى الواقع الذي عاشته قبل السابع من أكتوبر تشرين الأول ودفعت فيه الحكومة الإسرائيلية نحو هاوية التفريق والانقسامات الداخلية والعزلة الدولية وإن كانت استمرت بالقيام بذلك حتى خلال وجود غانتس وآيزنكوت فيها وترى بدورها أن نتنياهو اختار دائما بن غفير وسموتريتش في مختلف المفترقات التي كان يتوجب عليه الاختيار فيها بينهما من جهة وبين غانتس وآيزنكوت في الجهة المقابلة سواء في أزمة قانون التجنيد أو ميزانية الحرب أو مناقشات اليوم التالي للحرب أو مفاوضات تحرير المحتجزين الإسرائيليين المتواجدين في غزة كما أن حكومة نتنياهو حتى في فترة غانتس وآيزنكوت دأبت على إضعاف السلطة الفلسطينية والمواجهة مع البيت الأبيض ويشار في السياق إلى أن انسحاب غانتس من الحكومة قد يكسب الاحتجاجات المناهضة لها زخما أكبر ومعها المطالبة بالتوجه إلى انتخابات جديدة