لن تشترك أجزاء واسعة من سورية في انتخابات مجلس الشعب السوري المقرر إجراؤها منتصف يوليو تموز المقبل من قبل النظام الذي أفقد الحياة البرلمانية أي قيمة سياسية أو تشريعية منذ استيلاء حزب البعث على السلطة قبل نحو ستين عاما في انقلاب عسكري أنهى الحياة السياسية برمتها في البلاد وبدأت الاثنين الماضي اللجان المشكلة من قبل النظام باستلام طلبات الترشح إلى انتخابات مجلس الشعب السوري وهو ما يعد مؤشرا آخر على عدم اكتراث النظام بحل سياسي للقضية السورية بالاشتراك مع المعارضة وفق القرار الدولي 2254 والذي نص على إجراء انتخابات عامة وفق دستور جديد وتقتصر انتخابات مجلس الشعب السوري التي توصف بـالمسرحية السياسية الجوفاء من قبل قطاع واسع من السوريين على المناطق الخاضعة لسيطرة النظام بشكل فعلي وهي دمشق وريفها وحمص وحماة وسط البلاد ومدينة حلب كبرى المدن في الشمال وطرطوس واللاذقية في غربي البلاد وشطر من محافظة دير الزور شرقي البلاد وتجرى انتخابات مجلس الشعب السوري في محافظة درعا جنوب البلاد إلا أن الأوضاع الأمنية المضطربة وعدم الاستقرار الذي يغذيه النظام نفسه ربما يحولان دون إجرائها في عدة أماكن في هذه المحافظة التي لا تزال خارج السيطرة الفعلية للأجهزة الأمنية وفي محافظة السويداء المجاورة والتي تشهد حراكا مناهضا للنظام لم ينقطع منذ أغسطس آب 2023 هناك رفض شعبي واسع لهذه الانتخابات لذا من المتوقع ألا تشهد هذه المحافظة أي نشاطات انتخابية وفي شمال شرقي سورية في ما يعرف بـشرقي الفرات ليس للنظام أي وجود فعلي ما خلا مربعين أمنيين في مدينتي القامشلي والحسكة من المرجح أن تتم فيهما إجراءات شكلية ولا يسيطر النظام على ريف دير الزور الشرقي شمال نهر الفرات ولا على الجزء الأكبر من محافظة الرقة ما عدا عدة بلدات وقرى على أطراف ريفيها الشرقي والغربي وشطر كبير من ريف حلب هو خارج سيطرة النظام إما تحت سلطة قوات سوريا الديمقراطية قسد كريف حلب الشمالي الشرقي بما فيه منطقة منبج الواسعة غربي النهر أو تحت سلطة الجيش الوطني المعارض الذي يسيطر على جانب كبير من الريف الشمالي والشمالي الغربي لحلب بما فيه منطقة عفرين وتسيطر هيئة تحرير الشام جبهة النصرة سابقا على جانب من محافظة إدلب شمال غربي البلاد بما فيها مدينة إدلب مركز هذه المحافظة التي يسيطر النظام على جانب من ريفيها الشرقي والجنوبي إلا أنهما خاليان من السكان تقريبا عبد الناصر حوشان انتخابات مجلس الشعب باطلة حتى وفق دستور 2012 لا وزن لمجلس الشعب السوري وليس لدى مجلس الشعب السوري أي وزن سياسي أو تشريعي وليس له أي دور في صنع القرار خصوصا السياسي والعسكري والأمني بل هو واجهة لا أكثر على الرغم من أن الدستور الذي وضعه رئيس النظام بشار الأسد في العام 2012 ينص على أنه يتولى السلطة التشريعية في سورية ومن مهامه حجب الثقة عن الوزارة أو عن أحد الوزراء وإقرار الموازنة العامة للدولة وخطط التنمية والمعاهدات والاتفاقيات الدولية التي تتعلق بسلامة الدولة والعفو العام وتسببت الحرب التي شنها النظام على السوريين المطالبين بتغيير سياسي حقيقي في خروج ملايين السوريين من بلادهم وتوزعوا إما في دول الجوار وخصوصا تركيا والأردن ولبنان أو في بلدان أوروبية ولا سيما ألمانيا والسويد ولا توجد أرقام يمكن الركون إليها لعدد اللاجئين السوريين إلا أن التقديرات تشير إلى أن نحو نصف الشعب السوري بات خارج بلاده وقسما كبيرا منهم انقطعت صلتهم به بشكل أو بآخر ويقدر عدد السوريين الخاضعين لسيطرة النظام بنحو تسعة ملايين نسمة بينما يسكن في الشمال والشمال الشرقي نحو ستة ملايين سوري هم خارج سلطة النظام وأوضح الخبير القانوني عبد الناصر حوشان في حديث مع العربي الجديد أن قانون الانتخابات لدى النظام ينص على أنه تتم انتخابات مجلس الشعب السوري في الخارج قبل عشرة أيام من تاريخ بدئها في الداخل وأضاف اشترط أن يكون الناخب حائزا جواز سفر ساري المفعول ومختوما في أحد المعابر الحدودية الرسمية انتخابات مجلس الشعب السوري باطلة أما بالنسبة للناخبين الذين يقيمون في المناطق الخارجة عن سيطرة النظام فقد بين حوشان أنه جرت العادة أن تفتح مراكز انتخابية في مناطق سيطرة قسد في محافظة الحسكة وتنقل المراكز الانتخابية في محافظتي إدلب وحلب وقسم من الرقة إلى مناطق أخرى مضيفا هذا الإجراء جاء نتيجة تعديل قانون الانتخابات في سنة 2016 وتابع كل ذلك يعني أن أغلب السوريين الذين يقيمون خارج سيطرة النظام أو اللاجئين في باقي الدول لن يستطيعوا ممارسة الانتخابات فضلا عن أن هناك دولا لا يوجد فيها ممثليات دبلوماسية للنظام وبالتالي لن يكون هناك أي انتخابات فيها وخلص حوشان إلى القول إن انتخابات مجلس الشعب السوري التي يعتزم النظام إجراءها في يوليو تموز المقبل باطلة حتى وفق الدستور الذي وضعه النظام في 2012 أحمد القربي انتخابات مجلس الشعب شكلية من الناحية القانونية من جهته رأى الباحث السياسي أحمد القربي في حديث مع العربي الجديد أن انتخابات مجلس الشعب السوري المقبلة شكلية من الناحية القانونية بغض النظر عن عدد السوريين المشاركين فيها مضيفا لا تختلف من حيث المضمون عن الانتخابات التي كانت تجرى قبل 2011 وتابع كانت نسبة المشاركة في انتخابات ما قبل الثورة ربما لا تتجاوز الـ 10 في المائة أي أن الشعب لم يكن مشاركا في صنع القرار لا قبل الثورة ولا بعدها وأشار القربي إلى أن الانتخابات في الأنظمة الاستبدادية لا قيمة لها مضيفا ومن ثم فإن انتخابات النظام باطلة وأعضاء المجلس يمثلون النظام وحده وليس الشعب وأضاف في الدورة الماضية كان جل أعضاء مجلس الشعب السوري هم من حزب البعث وقادة المليشيات والتجار التابعين للنظام لذا أتوقع أن هذه التركيبة ستبقى في الدورة المقبلة النظام يستخدم هذا المجلس أداة لتمرير أجنداته السياسية والإدارية وإصدار القوانين لمصادرة أملاك السوريين وكان النظام السوري أجرى منذ بدء الثورة ضده في ربيع العام 2011 ثلاث دورات انتخابية الأولى في 2012 والثانية في 2016 والثالثة في يوليو 2020 وعلى الرغم من أن النظام ألغى في دستور عام 2012 المادة الثامنة التي تنص على أن حزب البعث هو القائد للدولة والمجتمع في الدستور السابق الذي وضع في سبعينيات القرن الماضي إلا أن هذا الحزب هيمن على غالبية مقاعد المجلس البالغة 250 مقعدا في الدورات الثلاث الماضية وكانت سورية من أوائل الدول العربية التي كانت تشهد انتخابات برلمانية حقيقية منذ تأسيسها بعد خروج الأتراك منها في العام 1919 خصوصا في حقبة الاستقلال بيد أن الحياة السياسية برمتها انتهت في البلاد بعد استيلاء حزب البعث على السلطة بانقلاب عسكري عام 1963 ورسخ حافظ الأسد الذي تولى السلطة بعد انقلاب عسكري على رفاقه في حزب البعث عام 1970 هذه السياسة إذ اعتمد حافظ الأسد على أسلوب تعيين أعضاء مجلس الشعب السوري من البعث الحاكم وأحزاب ما تسمى بـالجبهة الوطنية التي تأسست في العام 1972 مع تطعيمها ببعض المستقلين المقربين من البعث وفي عقد التسعينيات سمح الأسد بانتخابات للمستقلين ما سمح بدخول بعض الأسماء المعارضة للنظام لعل أبرزها رياض سيف والذي انتهى إلى الاعتقال في سجون الأسد