انتخابات البرلمان الأوروبي اليمين المتطرف نحو اختراق واسع

٣٦ مشاهدة
لم يكن في حسبان أكثر المتشائمين قبل 2012 أن تصبح أوروبا في غضون عشر سنوات على أعتاب تحول أحزاب التطرف اليميني والشعبوي وبعضها يوصف بـشبه فاشي إلى جزء من الحياة التشريعية جراء انتخابات البرلمان الأوروبي ومنظومات الحكم وطنيا من فنلندا شمالا حيث بات اليمين القومي المتشدد في حزب الفنلنديين الحقيقيين مرورا بهولندا وتقدم يمين ألمانيا المتشدد إلى إيطاليا وإسبانيا يبدو أن أوروبا أمام موجة مد أخرى لليمين المتطرف والشعبويين مقابل انحسار وتراجع تسجله معسكرات الوسطية الأوروبية ومن المستوى الوطني ينتقل هذا المد إلى مستوى قاري حيث تفيد الاستطلاعات بتقدم لهذا المعسكر في انتخابات البرلمان الأوروبي القادم بين 6 و9 يونيو حزيران إذ لا تزال استطلاعات نوايا تصويت الناخبين في القارة تمنح اليمين القومي المتشدد وشعبويي القارة ما لم يحققوه منذ أن توسعت موجة هذا التيار خلال العقد ونصف العقد الماضي وبينما تعاني أحزاب يمين ويسار الوسط من نزيف الشعبية الانتخابية فإن أحزابا مثل التجمع الوطني في فرنسا بزعامة مارين لوبان والحرية الهولندي بزعامة غيرت فيلدرز يفركون أياديهم فرحا لنية التصويت لهم في انتخابات البرلمان الأوروبي وبعضهم سيحصل على نحو ثلث أصوات الناخبين بل إن حزب الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون النهضة وسطي الطابع وبرغم كل مساعيه لسحب البساط من تحت أقدام اليمين القومي المتشدد بإظهار تشدد أكثر لا تمنحه الاستطلاعات أكثر من 14 في المائة القاسم المشترك لمعسكر التطرف اليميني الأوروبي هو استغلاله لمجموعة أزمات وطنية وأوروبية وعلى الرغم من كل محاولات محاصرة تقدم شعبية البديل لأجل ألمانيا بما في ذلك التحذيرات الأمنية حيال تطرفه وخطورة الأعضاء المشكوك بصلاتهم بالنازية الجديدة يواصل الحزب صعوده بتوقع حصوله على الأقل على نحو 17 في المائة من الأصوات في انتخابات البرلمان الأوروبي وتعطيه بعض الاستطلاعات ليس أقل من 20 في المائة وذلك تقدم كبير مقارنة بما حصل عليه في 2019 بتصويت نحو 11 في المائة لمرشحيه يعد هذا الصعود متسارعا مقارنة بالفترة الزمنية التي تأسس وعمل فيها البديل منذ 2013 حيث لم تؤثر في شعبيته مجموعة من الفضائح والصلات النازية ببعض قياداته وضبطهم يمجدون نازية بلدهم في ثلاثينيات القرن الماضي هذا إلى جانب تقدم المعسكر في الدنمارك والسويد وصولا إلى إسبانيا وإيطاليا وبقية جنوب وشرق القارة دغدغة مشاعر الناخبين في انتخابات البرلمان الأوروبي القاسم المشترك لمعسكر التطرف اليميني الأوروبي بعد أن خفف من لهجته عن الخروج من الاتحاد الأوروبي هو استغلاله لمجموعة أزمات وطنية وأوروبية من ارتفاع تكلفة المعيشة إلى أزمات السكن وقلق من قضايا الهجرة والقطاع الصحي والتحول الأخضر بما حمله من احتجاجات قطاع المزارعين خلال الأشهر الماضية ومنحته الأزمات ذخيرة إضافية لرفع مستوى الخطاب القومي ودغدغة مشاعر الناخبين في انتخابات البرلمان الأوروبي وتقديم أحزابهم وكتلهم كبدائل للإدارات السياسية التقليدية في القارة الأوروبية وتقدم تجربة حزب إخوة إيطاليا فراتيلي ديتاليا بزعامة رئيسة الحكومة الإيطالية جورجيا ميلوني منذ ترؤسها له في 2014 نموذجا لعمق التغيرات الحاصلة على مستوى القارة الأوروبية خلال السنوات الماضية فرحلة إخوة إيطاليا خلال السنوات العشر الأخيرة تظهر براعة تلون اليمين المتشدد والشعبويين الأوروبيين فقبل تحقيق الحزب نتيجة جيدة في انتخابات سبتمبر أيلول 2022 كانت ميلوني نفسها تعتبر الاتحاد الأوروبي بمثابة إثم كبير متوعدة بالخروج من هذا التجمع البيروقراطي غير المفيد لبلدها وللقارة وفي آخر انتخابات لبرلمان أوروبا في 2019 شارك حزبها في تكتل يضم إخوتها من بقية أحزاب قومية متطرفة في برلمان القارة مثل ديمقراطيي السويد والقانون والعدالة البولندي وفوكس الإسباني وتحالف فلامس بيلانغ البلجيكي وتعاون الحزب مثل أحزاب وقوى اليمين المتشدد والشعبويين في أوروبا مع مستشار دونالد ترامب السابق ستيف بانون لخلق تيار أوروبي ينسق تطرفه وشعبويته بالتركيز على نظرية المؤامرة والمهاجرين واللاجئين في ظل أزمات متتالية في روما وخصوصا على المستوى الاقتصادي وغياب انتظام الحكم جاءت اللحظة الحاسمة لانتهازية معسكر اليمين والشعبويين لإحكام القبضة على الحكم من خلال الائتلاف الذي يجمع إخوة إيطاليا بالحزب الشقيق في التطرف ليغا الرابطة الذي انطلق بداية كرابطة الشمال بزعامة ماتيو سالفيني والشعبويين في النجوم الخمس الإيطاليون الذين تراجعت نسبة تصويتهم في الانتخابات العامة في 2022 بنحو 10 في المائة إلى نحو 63 في المائة وسط انقسام وتراجع يسار الوسط سئموا على ما يبدو من عدم استقرار السياسة في بلدهم ومنذ نهاية الحرب العالمية الثانية مر عليها 77 حكومة دون أن يعني التصويت الاحتجاجي لحزب إخوة إيطاليا شبه الفاشي أنه رغبة شعبية بحكم فاشي وإذا صمدت الاستطلاعات الإيطالية بشأن نوايا التصويت في انتخابات البرلمان الأوروبي بتحقيق حزب إخوة إيطاليا لنسبة حوالي 27 في المائة متجاوزا الحزب التاريخي والعريق الاجتماعي الديمقراطي بنحو سبع نقاط حيث يتوقع له الحصول على 20 في المائة فإن ميلوني تكون قد حققت جزءا من مرادها السياسي فخلال فترة عام ونصف العام غيرت تكتيكاتها السياسية والخطابية حيال بيروقراطيي بروكسل من رغبة بالخروج من الاتحاد إلى استغلال اكتساح يميني متشدد في بعض الساحات الأوروبية لأجل تغيير قوالب التحالفات في الهيئة التشريعية الأوروبية في البرلمان الأوروبي المقبل ولتعزيز نفوذ هذا المعسكر على مستوى قرارات بروكسل أهداف مثابرة اليمين المتشدد لا يخفي معسكر اليمين المتشدد في أوروبا رغبته في التحول إلى لاعب حاسم بعد انتخابات البرلمان الأوروبي سواء على مستوى التشريع أو سياسات بروكسل في السنوات الخمس المقبلة هذه المثابرة التي تسفر عما يشبه تطبيع وجود أحزاب التطرف القومي في السلطة أو نفوذ في توليفتها كما جرى في هولندا أخيرا مع نفوذ حزب الحرية بزعامة فيلدرز تنتقل هذه الأيام إلى مستوى أوسع في عموم القارة العجوز أظهرت استطلاعات رأي أن أحزاب اليمين المتشدد والشعبوية في طريقها لأن تصبح الفائزة في انتخابات البرلمان الأوروبي في تسع دول الانتقال من مجرد أحزاب يمينية متشددة وهامشية صغيرة إلى مستوى من التأثير الذي يفرض على الأحزاب التقليدية التاريخية التعاطي معها على الرغم من وعودها السابقة باستمرار عزلها وتهميشها سيفرض على الأوروبيين على الأقل خلال الدورة التشريعية المقبلة للبرلمان الأوروبي أخذ إمكانية تحول كتلة التحالف اليميني الشعبوي إلى مناكفات تنزع منهم الاحتكار التقليدي لكتلتي يمين ويسار الوسط للمناصب والسياسات فالدخول القوي إلى البرلمان الأوروبي لا يعني أن معسكر التشدد القومي بات أقل نقدا للاتحاد الأوروبي بل يعتبرها فرصة يستغلها لتعزيز نفوذه وتأثيره على مسار القارة المستقبلي الفوز في تسع دول ووفقا لاستطلاعات الرأي وتحليلات على مستويات وطنية وأوروبية ومن ضمنها تحليل انتخابي أجراه مركز أبحاث المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية فإن أحزاب اليمين المتشدد والشعبوية في طريقها لأن تصبح الفائزة في انتخابات البرلمان الأوروبي في تسع دول بما في ذلك إيطاليا والنمسا وسلوفاكيا وهولندا وفرنسا بالإضافة إلى ذلك من المتوقع أن يصبحوا ثاني أو ثالث أكبر حزب في فنلندا والبرتغال وألمانيا وست دول أخرى وأظهر في السياق استطلاع لمؤسسة إيفوب لمصلحة أوست فرانس بداية مايو أيار الحالي عن انتشار المشاعر السلبية الفرنسية تجاه الاتحاد الأوروبي ويشعر غالبية مؤيدي اليمين واليمين المتشدد بحالة قلق من أوضاع أوروبا بواقع 53 في المائة ويعبر 34 في المائة من ناخبي حزب الاستعادة ريكونكيت بالغضب بينما تصل النسبة في التجمع الوطني حزب مارين لوبان إلى 23 في المائة ويمكن ملاحظة كيف أن الحرية الهولندي بزعامة فيلدرز المعادي لسياسات الهجرة الأوروبية والناقد الدائم للإسلام وللمسلمين يقفز قفزات لم تكن في الحسبان ومع تحقيقه فوزا كبيرا في انتخابات نوفمبر تشرين الثاني الماضي فإن استطلاعات الرأي بشأن انتخابات البرلمان الأوروبي تمنحه ليس أقل من 16 في المائة متقدما على أحزاب أخرى عريقة وكبيرة بل بدأ الحديث منتصف مايو الحالي عن إمكانية تحول الحرية إلى جزء من منظومة الحكم في هولندا على طريقة الفنلنديين الحقيقيين في فنلندا وإخوة إيطاليا وليغا في إيطاليا وبتأييد نحو نصف ناخبي هولندا وفقا لاستطلاع نشر نتائجه تلفزيون آر تي أل الهولندي أخيرا وبحسب تحليلات مراكز بحثية أوروبية بما في ذلك المعهد الدنماركي للدراسات الدولية دييس والمجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية فإن هذا يعني أنها المرة الأولى التي سيكون فيها معسكر المحافظين القوميين وجماعات يمينية متشددة مثل كتلة المحافظين والإصلاحيين ECR وكتلة الهوية والديمقراطية ID أكبر الفائزين لكسر احتكار الكتل التقليدية للمناصب والبرامج السياسية للاتحاد الأوروبي هذا بالطبع إذا حشدوا الأغلبية واختاروا توحيد صفوفهم فاليوم يعد تكتل المحافظين التقليديين بمن فيهم الديمقراطيين المسيحيين أكبر كتلة في البرلمان الأوروبي مكونة من 179 نائبا تحت مسمى كتلة الأحزاب الشعبية إي بي بي وتليها كتلة ائتلاف التقدميين والاجتماعيين الديمقراطيين بـ141 نائبا وإذا أضيف إلى الكتلتين التكتل الليبرالي تجديد أوروبا بـ101 نائب مضافا إليهم اليسار والخضر بـ71 نائبا و31 نائبا من أقصى اليسار فإن هذا يظهر أن الأغلبية من أصل 705 مقاعد تمثل سكان الدول الأوروبية المقدرين بنحو 450 مليونا والمقاعد بحسب عدد سكان كل دولة عضو هي المستهدفة من معسكرات اليمين القومي المتشدد والشعبويين الذين لديهم كتلتان من 67 نائبا من الإصلاحيين المحافظين إي سي آر و58 من الهوية والديمقراطية آي دي لأجل ترجمة تقدمهم في استطلاعات نية التصويت لهم في انتخابات البرلمان الأوروبي لكسر تكتلهم احتكار أكبر ثلاث كتل برلمانية للتشريعات والمناصب وليكون تجمعهم قادرا على وضع بصمة في سياسات بروكسل عبر برلمان ستراسبورغ بعد التاسع من يونيو المقبل

أرسل هذا الخبر لأصدقائك على

ورد هذا الخبر في موقع العربي الجديد لقراءة تفاصيل الخبر من مصدرة اضغط هنا

اخر اخبار اليمن مباشر من أهم المصادر الاخبارية تجدونها على الرابط اخبار اليمن الان

© 2024 يمن فايب | تصميم سعد باصالح