اليمن بين الوحدة والانفصال
شهد اليمن، أي جنوب الجزيرة العربية، قيامَ دول لعبت دوراً في التاريخ العربي، وفيه كانت أول وحدة فيدرالية بين مكوّنات سياسية جمعت كلّاً من مملكة سبأ، مملكة معين، مملكة حضرموت، مملكة قتبان. وقد امتد نفوذ هذا الكيان إلى بلاد الرافدين وبلاد الشام وفلسطين وأجزاء كبيرة من شبه الجزيرة العربية. هذا يؤكّد الحقيقة أنّ في الوحدة قوة، وفي التجزئة والتفكّك ضعف ومذلة.
(2)
يواجه اليمن العزيز، بكلّ مكوّناته، أزمةً حالكةَ السواد؛ تتجاذبه قوى انفصالية مقيتة وقوى سلالية موغلة في التخلّف، وسلطة موغلة في التبعية همّ معظم أفرادها تعظيم المصالح الذاتية، وأحزاب دفترية غير فاعلة في الأرض. منذ الثالث من ديسمبر/ كانون الأول الراهن، يشهد جنوب اليمن تطوّرات عسكرية وسياسية خطيرة يقودها عيدروس الزبيدي ظاهرياً، واستطاعت قوات ما يعرف بـالمجلس الانتقالي فرض سيطرتها في الجبهة الشرقية لجمهورية اليمن الشقيق، التي تشمل حضرموت: الوادي والهضبة، ومحافظة المهرة، وصولاً إلى حدود عُمان وشبوة، والاستيلاء على جميع المقارّ العسكرية والمؤسّسات الحكومية، كذلك فرضت سلطتها على العاصمة الثانية عدن، ونُزعتْ صور الرئيس رشاد العليمي وأُحلّتْ في مكانها صورة الزبيدي، وأُنزل علم الدولة المرفوع على قصر الرئاسة (المعاشيق)، واستُبدل به علم الانفصال، وأُخرجت الجماهير برغبة منها أو رهبة (نفاقاً أو اتفاقاً) إلى الشوارع رافعةً أعلام الانفصال، مناديةً بإنهاء الدولة الموحّدة التي تجمع شمال اليمن مع جنوبه.
لماذا لم يهتم الزبيدي ورهطه بشؤون المواطنين في جنوب اليمن في إطار دولة الوحدة؟
تبع تلك الأحداث العسكرية المؤلمة، كما جاء في وسائل الإعلام، إعلانُ وزراء في حكومة الوحدة الشرعية ومسؤولين كبار في الإدارة المدنية للسلطة الشرعية تأييدهم إجراءات المجلس الانتقالي (الانفصالية الشنيعة)، وأعربوا عن تأييدهم ما سُمّي إعلان دولة الجنوب العربي. ذريعة الزبيدي، قائد جحافل الانفصاليين، كما يبدو في انقلابه على مؤسّسات دولة الوحدة، أن الحكومات اليمنية المتعاقبة تهمّش المناطق الجنوبية سياسياً واقتصادياً. وقال أيضاً، متّهماً الحكومة الشرعية التي هو جزء منها بقيادة العليمي، إن حكومته وأجهزتها الرئيسة تنصّلت من واجبها الوطني في تحرير مناطق الشمال الخاضعة لسيطرة الحوثيين. السؤال
ارسال الخبر الى: