في لحظة فارقة من تاريخ اليمن تتجلى إرادة الدولة في مواجهة التحديات الاقتصادية العاتية عبر سلسلة إصلاحات جريئة وإجراءات رقابية صارمة تهدف إلى إنقاذ العملة الوطنية من براثن الانهيار واستعادة الثقة في النظام المالي وتحقيق الاستقرار المعيشي للمواطنين أطلقت الحكومة اليمنية بالتعاون مع البنك المركزي في عدن حملة إصلاحات شاملة شملت ضبط سوق الصرف وتنظيم الاستيراد وتوحيد سعر المصارفة عبر البنوك وشركات الصرافة المعتمدة وقد تم تحديد سعر صرف موحد بلغ 1633 ريالا للدولار و428 ريالا للريال السعودي في خطوة تهدف إلى كبح المضاربة وتحقيق العدالة في تداول العملات وفي إطار تعزيز الرقابة أغلقت عشرات شركات الصرافة المخالفة وأحيل المتورطون في غسل الأموال والمضاربة إلى الجهات القضائية في رسالة واضحة بأن القانون سيطبق بلا استثناء كما شددت الحكومة على ضرورة التعامل الحصري بالريال اليمني في المعاملات التجارية والعقارية تعزيزا للسيادة النقدية وردا على سياسات الحوثيين التي تستهدف الاقتصاد الوطني عبر تزوير العملة ومنع تداولها في مناطق سيطرتهم رئيس الوزراء اليمني وصف معركة الاقتصاد بأنها امتداد لمعركة استعادة الدولة مؤكدا أن التحسن في سعر الصرف يجب أن ينعكس مباشرة على حياة المواطنين لا أن يبقى مجرد رقم في تقارير مالية وفي سياق دعم الإنتاج المحلي تم توقيع اتفاقيات لتوطين الصناعة الدوائية وإنشاء مصفاة لتكرير النفط الخام في حضرموت ما يعزز الاكتفاء الذاتي ويقلل الاعتماد على الاستيراد كما أصبح تكامل السياسات المالية والنقدية أولوية لضبط النفقات وتعزيز الإيرادات العامة ضمن رؤية اقتصادية متماسكة وقد ساهم الدعم المالي السابق من السعودية والإمارات الذي بلغ نحو 900 مليون دولار في تخفيف الضغوط التضخمية وتغطية الرواتب إلا أن شهر يونيو 2025 شهد غيابا لأي منحة جديدة ما أدى إلى تصاعد الأزمة الاقتصادية هذا الغياب جاء في ظل تعقيدات سياسية أبرزها التقارب السعودي مع سلطات صنعاء مما جعل تقديم الدعم للحكومة المعترف بها دوليا أمرا حساسا ونتيجة لذلك تجاوز سعر صرف الدولار حاجز 2700 ريال في مناطق الحكومة وسط تحذيرات من انهيار اقتصادي شامل ما لم يتم تدارك الوضع بدعم خارجي عاجل هذه الإصلاحات رغم التحديات لا تمثل مجرد إجراءات مؤقتة بل تعكس تحولا جذريا في طريقة إدارة الاقتصاد اليمني إنها بداية لمرحلة جديدة من الانضباط المالي والشفافية والمساءلة وقد تكون نقطة انطلاق نحو تعاف شامل إذا استمرت بنفس الوتيرة والجدية تقتضي المرحلة مواصلة الإصلاحات الاقتصادية وتوسيعها لتشمل إعادة تشغيل وتصدير النفط والغاز باعتبارهما من أهم الموارد السيادية التي يمكن أن تعزز الاستقرار المالي وتوفر مصادر دخل مستدامة للدولة وتخفف من الاعتماد على الدعم الخارجي فبدون استثمار حقيقي في هذه القطاعات الحيوية سيظل التعافي الاقتصادي هشا ومعرضا للانتكاسات إن استقرار الريال اليمني ليس انتصارا رقميا فحسب بل هو انتصار لإرادة شعب يسعى للعيش بكرامة ولحكومة قررت أن تواجه التحديات لا أن تتهرب منها