اليسار التركي صفحات من القتال لفلسطين

٢٩ مشاهدة
في السادس من يونيو حزيران عام 1967 أي بعد يوم واحد من العدوان الإسرائيلي على الضفة الغربية ومصر وسورية والذي أدى في نهاية الحرب إلى احتلال الجولان السوري وسيناء المصرية وما تبقى من فلسطين نشرت منظمة الشباب الثوري في تركيا بيانا أدانت فيه العدوان الصهيوني المدعوم إمبرياليا وعبرت عن دعم الدول العربية في حربها مع إسرائيل التي وصفتها بأن هذه الحرب هي حرب استقلال الدول العربية الفقيرة ضد المعتدي إسرائيل إننا نرى أن الوصول إلى السلام يعتمد على حصول الشعب المظلوم على حقوقه في أقصر وقت ممكن إن إطالة أمد هذه الحرب ليست في مصلحة دول الشرق الأوسط بل هي في مصلحة الدول الإمبريالية التي تريد الهيمنة على موارد المنطقة النفطية وبيع السلاح لكلا الطرفين المتحاربين يجب ألا تستخدم القواعد العسكرية الموجودة في تركيا ضد الدول العربية جسد هذا البيان موقف معظم القوى اليسارية في تركيا من القضية الفلسطينية هذه القوى التي دخلت في صدام دام منذ نهاية الستينيات وخلال فترة السبعينيات مع قوى قومية ويمينية وصفت بأنها جزء أو مدعومة من السلطة الحاكمة التي كانت ضمن المعسكر الغربي في حينها لم يتوقف دعم القوى الثورية التركية للقضية الفلسطينية عند القول بل قام شباب يساريون بالعبور من الحدود التركية في اتجاه سورية ومن هناك كانوا ينتقلون إلى معسكرات الفصائل الفلسطينية المختلفة في الأردن ومن ثم في لبنان أول مواطن تركي يقتل في سبيل فلسطين في 1 أكتوبر تشرين الأول 1968 خرج جلال أوزجان 20 عاما ومصطفى تشيليك 19 عاما وعبد القادر ياشار غون 21 عاما من مدينة غازي عنتاب تجاه دمشق كان هدفهم في البداية هو التحدث مع السفارة السوفييتية في دمشق للحصول على فرصة دراسة السياسة في موسكو ولكن لم يحصلوا على مبتغاهم وعوضا عن ذلك انضموا إلى حركة فتح شرح جلال أوزجان ما حصل معهم قائلا لم تسر الأمور في سفارة الاتحاد السوفييتي كما كنا نأمل إلا أن الحكومة السورية احترمت تجربتنا وسمحت لنا بأن ننام في أحد مساجد دمشق في أحد الأيام وبعدما لففنا السجائر في الفناء لم نجد لدينا ما نشعل به السيجارة فطلبنا من شخص كان يجلس أمامنا شيئا لنشعل به السيجارة فأعطانا أعواد كبريت كتب عليها بالعربية حاول هذا الشخص التحدث معنا ولكن لم نستطع أن نفهم ماذا يريد أن يقول فطلبنا من أحد الأشخاص الذين يتقنون اللغتين العربية والتركية أن ينقل لنا ما يقول وعندما سمعنا بأنه فلسطيني لمعت برأسنا فكرة لم تكن في الحسبان سنذهب إلى فلسطين لكي نقاتل الإمبريالية في صفوف ياسر عرفات وبالفعل تحركنا فورا وبحثنا عن دليل سوري ليرشدنا إلى طريق فلسطين وانطلقنا بعد تلقيهم تدريبات على مدار أربعة أشهر في أحد معسكرات حركة فتح انخرط الثلاثة في العمل العسكري وفي 8 يونيو 1968 قتل مصطفى تشيليك الذي يعتبر أول مواطن تركي يقتل في صفوف فتح وهو يناضل من أجل القضية الفلسطينية لم تصدق والدة مصطفى خبر مقتل ولدها الذي تخرج في الثانوية التجارية في عنتاب واختفى بعدها لأشهر لترى بعدها اسمه في الجرائد مستشهدا في سبيل النضال من أجل فلسطين ذهب زوجها إلى دمشق والتقى زعيم فتح ياسر عرفات الذي عزاه باستشهاد ولده وخصص لكل من الأب والأم راتبا شهريا من رحلة سياحية إلى فلسطين في يونيو عام 1969 أخبر الشاب دينيز غيزميش عائلته بأنه ذاهب لرحلة تخييم مع أصدقائه إلا أنه في الحقيقة كان ذاهبا برفقة جيهان ألبتكين وعمر أريم سركان وفاضل حسان وكويدول توران ويوسف كوبلي للقتال في صفوف الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين حاول الأصدقاء اليساريون كما هو الحال مع جميع من ذهبوا الاعتماد على جهودهم الشخصية في تجهيز أنفسهم فقاموا بشراء أربع قطع سلاح وعشرات الكتب وانطلقوا بها في اتجاه سورية تحدث تورهان فايز أوغلو عن رحلة هؤلاء الشباب في كتابه جماعة دينيز وفلسطين قائلا على لسانهم ركبنا السيارة إلى مكان على الحدود نعرف به بعض الأقارب ثم ذهبنا في اتجاه حاجز الحدود ودفعنا عن كل شخص 10 ليرات تركية لكي نعبر دخلنا الحدود السورية وبيدنا حقائب سفر ثقيلة جدا بعد تجاوزنا الحدود جررنا الحقائب لمسافة 600 700 متر ثم ركبنا سيارة زراعية نقلتنا عبر القرية في اتجاه ضفة نهر الفرات حيث جاء قارب صغير ونقلنا إلى الضفة الثانية من النهر ثم مشينا بضع دقائق قبل أن نصل إلى الشارع العام الذي يصل كلا من حلب وحماة وحمص ودمشق أشرنا لسيارة بالتوقف وبالفعل توقفت ووضع السائق الحقائب في صندوق السيارة من دون أن يفتشها لكن على الطريق أوقفهم حاجز أمن للتفتيش ووجد الأسلحة واعتقلهم في تلك اللحظة بدأ دينيز بترديد الشعارات والأناشيد الثورية سجنوا في حلب أربعة أيام ثم تم تحويلهم إلى دمشق وسجنوا فيها 12 يوما وعندما أخبروا الأمن السوري بأنهم قادمون للانضمام إلى الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين تم إطلاق سراحهم بعدها ذهبوا إلى مقر المنظمة حيث حصلوا على أوراق عضوية فيها وأعيدت لهم أسلحتهم وكتبهم المصادرة ثم انتقلوا إلى عمان عند وصولهم إلى عمان أصر دينيز على مقابلة الأمين العام للجبهة الديمقراطية نايف حواتمة أولا وبعد انتظاره ثلاثة أيام قابله واستمع حواتمة لهذا الشاب المتحمس وتفهمه واستوعبه وبعد اللقاء انتقلوا إلى المخيم الذي يعج بالشباب القادم من بلدان العالم للانضمام إلى المقاومة الفلسطينية حيث كان المخيم في وقتها مختبرا نظريا وعمليا للنشاط الثوري بعد تلقيهم التدريبات العسكرية اللازمة للمشاركة في الحرب عادوا إلى تركيا لينتظروا الحرب القادمة لكن عندما وقعت معركة 1973 كان معظم هؤلاء الشباب في السجن أو أعدموا بسبب تأسيسهم قوة مسلحة بعد انقلاب 1971 وما لحقها من أحداث قمع وأطلق هؤلاء الشباب على جناحهم المسلح جيش ثوري لإنشاء الجمهورية التي يحلمون بها داخل تركيا اتهم المتطوعون الذين وصل عددهم إلى ثلاثة آلاف وكان من بينهم متطوع تركي يهودي اسمه سابتاي فارول بالعمالة لجهة خارجية ولم تكن الحساسية الرئيسية للنظام التركي حينها بسبب التطوع للقتال في فلسطين بل كان الاتهام هو الانتساب لمجموعة يسارية والسعي لقلب نظام الحكم أما الذين بقوا منهم في لبنان فقد قتل العديد منهم في القصف على المخيمات في لبنان واعتقل بعضهم مثل فائق بولوت الصحافي والكاتب التركي الذي انضم عام 1972 إلى المقاومة الفلسطينية في لبنان وخلال عملية عسكرية للجيش الإسرائيلي اعتقل عام 1973 وحكم عليه بالسجن لمدة 7 سنوات فلسطين أقرب نقطة للنضال ضد الإمبرياليةلم يكن القتال في فلسطين بالنسبة إلى الشباب الثوري بدافع ديني بل كان الدافع أيديولوجيا كما أن فلسطين لم تكن قضية مركزية بالنسبة إليهم بل كانت مجرد ساحة من ساحات النضال ضد الإمبريالية قال أوكتاي أتيمان المنتسب لجماعة الثوريين والذي شارك بعملية خطف القنصل الإسرائيلي في إسطنبول عام 1971 وصديق دينيز غيزميش عن سبب ذهاب الشباب الثوري اليساري في تلك الفترة إلى فلسطين نحن من الاشتراكية الدولية وجاهزون للذهاب إلى أي مكان فيه إمبريالية واحتلال وظلم وقمع هذا ينطبق على كمبوديا وفيتنام وفلسطين وغيرها نحن من جهة نذهب إلى هناك في سبيل القتال ضد الإمبريالية ومن جهة أخرى نستفيد من التدريبات العسكرية التي تساعدنا على تحقيق الثورة الشعبية في بلدنا أما الذين يسألون عن فلسطين تحديدا فجوابي لهم واضح هي أقرب مكان للنضال وتلقي شبابنا التدريب العسكري الذي يتم في مخيمات سورية ولبنان والأردن كتب محمد أيرو أوغلو الذي كان أحد الثوريين الأتراك في كتابه المعنون الرجل الذي نسي اسمه قد يبدو الأمر غير مفهوم أو ربما مضحكا بالنسبة إليكم ولكن الحقيقة هي أننا نعشق هذا الكون كنا نؤمن بأن البشر ليسوا كائنا بيولوجيا بل هو كائن لديه مسؤوليات تجاه مفاهيم مجردة مثل الضحك والشمس والقمر والنضال وغيرها النضال ضد الإمبريالية يعتبر دينيز غيزمش 1947 1972 أشهر رموز اليسار التركي وأحد مؤسسي جيش التحرير الشعبي التركي عام 1970 الذي لم يعش أكثر من سنتين تبنى دينيز الخط الماركسي اللينيني الماوي واشترك مع رفاقه بخطف عمال أميركيين في تركيا ودعا للكفاح المسلح ضد الحكومة اعتقلته السلطات التركية مع رفيقيه حسين أنان ويوسف أصلان وحاكمتهم بتهمة العمل على قلب نظام الحكم والعمالة لجهة خارجية والمقصود هنا انضمامهم للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين خطف أعضاء بفصيل يساري آخر القنصل الإسرائيلي في إسطنبول للضغط على الحكومة ومنحوها مهلة ثلاثة أيام لإطلاق سراح دينيز ورفاقه وهو ما لم يحصل فقتلوا القنصل وفي اليوم التالي نفذ حكم الإعدام بدينيز ورفيقيه أنان وأصلان كتب دينيز في مجلة اليسار التركية لا يمكن أن يكون الشباب خارج معركة تدور ضد الإمبريالية مهمة الشباب الثوري هي النضال ضد الإمبريالية الأميركية بغض النظر عن عدد الذين نقاتلهم وقوتهم الشاب الثوري هو الشباب الذي يمضي عمره في النضال وليس الشباب الذي يمضي وقته في الفراغ تحيا الشعوب التي تحارب من أجل استقلالها لتحيا تركيا المستقلة تماما

أرسل هذا الخبر لأصدقائك على

ورد هذا الخبر في موقع العربي الجديد لقراءة تفاصيل الخبر من مصدرة اضغط هنا

اخر اخبار اليمن مباشر من أهم المصادر الاخبارية تجدونها على الرابط اخبار اليمن الان

© 2024 يمن فايب | تصميم سعد باصالح