بين الوعد الصادق والأسد الصاعد

كتب/ هاني مسهور وميشيلا حداد
قبل السابع من أكتوبر 2023، تشكلت قناعة راسخة في أذهان الكثيرين: إيران كسبت معركة النفوذ في الشرق الأوسط، وإنها على وشك إحكام قبضتها على المنطقة لعقود قادمة. والسبب، الفراغ الأميركي واهتزاز صورة القوة القاهرة بعد الانسحاب المذل من أفغانستان.
إيران نجحت في السيطرة على أربع عواصم عربية وعلى معظم المضائق الإستراتيجية وربطت طهران ببيروت ومنها بالمتوسط وانتزعت شرعية لميليشيات تدين بالولاء المطلق لولاية الفقيه حتى بات ينظر إليها كإمبراطورية مذهبية على عرش الجغرافيا.
منذ أن انتصرت الثورة عام 1979، لم تكن الجمهورية الإسلامية مجرد دولة، بل كانت مشروعا أيديولوجيا تمدديا يتكئ على ما سُمِّي بـ”تصدير الثورة”، فغذت شبكات الولاء العقائدي والمسلح في العواصم الأربع بالمال والسلاح وجعلتها خط دفاعها الأول أمام العدو.
فشرعت طهران ترسم جغرافيا نفوذها على أجساد أنظمة هشّة، وتتقدّم بثقة نحو عدن، لولا أن التحالف العربي قطع الطريق في 2015، وكانت صلابة الجنوب اليمني آخر السدود، لم يكن أحد في المنطقة يتخيّل أن هذا الامتداد سيتوقف، خصوصا بعد الانسحاب الأميركي من أفغانستان وما تركه من فراغ مهّد لتمدد مشروع “الممانعة” الذي تحوّل إلى عقيدة دائمة في ذهن النخب العربية، حتى ظنّ كُثُر أن النظام الإيراني قد غدا قدرًا لا مردّ له، وأن الجغرافيا قد انحازت للملالي إلى الأبد.
الفراغ الأميركي هو ما تحركت فيه إيران فعليا؛ فمنذ سقوط نظام صدام حسين عام 2003، أصيبت المنطقة بفراغات إستراتيجية وجدت فيها طهران فرصة لملء النفوذ عبر وكلائها. وكما كان “حزب الله” في جنوب لبنان يمثل مركز الثقل الإيراني خارج الجغرافيا الإيرانية، كانت “حركة حماس” تشكل بيدقا متقدما داخل الخارطة السياسية الإسرائيلية قبل أن تكون الفلسطينية.
كان على إيران أن تتخذ قرارها الحاسم بتحريك هذا “الحجر” على رقعة الشطرنج، على أمل تعطيل المسار الناشئ بين الرياض وتل أبيب ضمن قطار الاتفاقيات الإبراهيمية للسلام. فاكتمال هذا المسار يُسقط البند الوجودي لإيران الخمينية، إذ أن السلام يعني خسارة ورقة المقاومة، وبذلك تنهار فرضية “تصدير الثورة”، وبالتالي تحجيم
ارسال الخبر الى: