الوصول إلى الحوثي عبر الحرس الثوري

على مدى العقود الثلاثة الماضية، أظهرت العلاقة بين الولايات المتحدة الأمريكية وإيران قدرة مدهشة على الجمع بين التنسيق والتعاون والتنافس، خصوصًا في ملفات أفغانستان والعراق. لم تتردد واشنطن في نسج خيوط تعاون غير مباشر مع طهران أثناء غزو العراق وبعد سقوط نظام صدام، وتطور التعاون لاحقًا إلى مستوى من التحالف والشراكة في قمع المكوّن السني، ومنع سقوط الحكومة العراقية الموالية لكلٍّ من الولايات المتحدة وإيران، تحت ذريعة الحرب على تنظيم القاعدة، ولاحقًا داعش.
لكن ما بدا كتقاطع مصالح عابر، قد يكون في جوهره ساحة اختراق من النوع الذي تتقنه القوى الدولية النافذة وأجهزتها الأمنية. تشير معطيات متراكمة إلى أن واشنطن لم تكتفِ بتعاون تكتيكي مع إيران في العراق، بل سعت لاختراق البنية الأمنية والسياسية المرتبطة بالحرس الثوري والنظام الإيراني عمومًا، سواء في العراق أو حتى داخل المنظومة الإيرانية ذاتها.
لم يكن التعاون المرحلي بريئًا من جانب الولايات المتحدة. أما اندفاع إيران للتعاون مع الأمريكيين فقد جاء بدوافع انتقامية وعدائية تجاه نظام صدام حسين والعرب عمومًا، وبدافع خليط من الرغبة الجامحة والطموح الشديد للهيمنة على المنطقة العربية. لم تتعامل واشنطن مع طهران كحليف مؤقت، بل كهدف مؤجَّل قابل للاختراق عبر أدوات متعددة.
هذا الانخراط مكّنها من فهم شبكة النفوذ الإيرانية في العراق، ولاحقًا في سوريا ولبنان، وتحولت بعض أذرع هذه الشبكة إلى أدوات مزدوجة الولاء بين واشنطن وطهران. لاحقًا، أصبحت هذه الأذرع نوافذ للتوغّل أعمق في بنية النظام الإيراني ذاته، وهو ما يفسر الدقة المتزايدة في الضربات الإسرائيلية التي استهدفت قادة الحرس الثوري ومؤسسة الاستخبارات الإيرانية.
تسللت واشنطن إلى بنية النظام الإيراني، وإلى ما يُعرف بجماعة “الطهر الثوري” المرتبطة بمركز قيادة الثورة والدولة، من خلال التعاون المرحلي، والعلاقات المبنية على المصالح المؤقتة، وعبر بيروقراطية المفاوضات والتفاهمات الصامتة وسلسلة الاتصالات والمباحثات واللقاءات بين إيران والولايات المتحدة والوكالة الدولية للطاقة الذرية.
تحليل التطورات الأخيرة في إيران، مناسبة موضوعية ومنطقية لاستدعاء الحوثيين واحتمال اختراق بنيتهم العسكرية والقيادية عبر الحرس الثوري الإيراني، باعتباره قناة اختراق
ارسال الخبر الى: