من الهولوكوست إلى غزة انكسار السردية الصهيونية في الضمير الغربي

76 مشاهدة

في المقابل، تتسع النقاشات العلمية والصحفية حول الحصيلة البشرية غير المباشرة الناتجة من سوء التغذية والأمراض والانهيار الصحي والمياه الملوّثة، بما يوسّع معنى “القتل” خارج منطق القذيفة المباشرة. هذا الزحف الإحصائي نحو الحقيقة، وإن اختلفت تقديراته، صنع مناخًا معرفيًا جديدًا أتاح لغرف الأخبار الغربية إعادة صوغ قصّتها عن غزّة بضميرٍ أقلّ تواطؤًا وأكثر اقترابًا من المعايير الحقوقية.

من الحياد الزائف إلى تسمية الأشياء

لا يشتغل الإعلام في فراغ؛ إنه مرآةٌ وقوّةٌ ناعمة في آن. داخل غرف الأخبار البريطانية والأميركية تصاعدت خلال الشهور الماضية حالات التمرّد المهني، من استقالاتٍ وعرائض داخلية إلى مراجعات تحريرية علنية تطالب بالكفّ عن “التوازن المضلّل” الذي يُساوي بين ضحية محاصرة و”جيشٍ” متفوّق عسكريًا.

رأينا ذلك في صحيفة “ذا غارديان” عبر مقالات رأي وتحقيقات تخلّت صراحة عن لغات التخفيف، ووصل الأمر في آب / أغسطس 2025 إلى نصٍّ طويل يقرّ بأنّ الجرائم يمكن أن تستمر حين تُصاب الصحافة بالبلادة. ليست هذه مجرّد كلمات غاضبة؛ إنّها بيانٌ مهني يضع الصحفي أمام امتحان الضمير: إمّا أن يسمّي الفصل العنصري والتطهير العرقي والإبادة بأسمائها، وإمّا أن يتحوّل إلى شاهد زور.

أبعد من ذلك، باتت منصّات رأي رصينة تستضيف – من داخل المقاربة القانونية – أصواتًا مثل المقرّرة الخاصة فرانشيسكا ألبانيزي التي استخدمت مرارًا توصيفات “نظام فصل عنصري” و”أفعال إبادة” في تقاريرها الفنية، ما أوجد جسرًا مؤسسيًا بين خطاب القانون الدولي وخطاب الإعلام العام. وكلّما تعزّز هذا الجسر، ازداد ضيق الهامش أمام المراوغات اللغوية التي منحت “إسرائيل” حصانة سردية لعقود.

حين يهتزّ المركز لا الهوامش

تكمن قوة مقال بارتوف في موضع نشره بقدر ما تكمن في حجّته. فمجلة “بروسبيكت” ليست منصة شعبوية أو بيان ناشطين؛ إنها مجلة فكرية تُخاطب العقل الليبرالي في الغرب. يوم وضعت مقال “حالة إنكار” على غلافها، وأتبعتْه بحوارٍ مع صاحبه، انكسر “التابو” القديم داخل الخيال السياسي الأوروبي: يمكن نقد “إسرائيل” من قلب المؤسسة من دون الاتّكاء على اليمين الشعبوي أو اليسار الهامشي.

لم يعد الدفاع عن الحقوق

ارسال الخبر الى:

ورد هذا الخبر في موقع المشهد الحربي لقراءة تفاصيل الخبر من مصدرة اضغط هنا

اخر اخبار اليمن مباشر من أهم المصادر الاخبارية تجدونها على الرابط اخبار اليمن الان

© 2016- 2025 يمن فايب | تصميم سعد باصالح