الهجرة فتح وتحولات

٥٧ مشاهدة

صدى الساحل - أحمد عبدالملك المقرمي


بلغ الحقد مداه، وتَنمّر الغيظ حتى لم يعد يرى غير التصفية الجسدية لمحمد (ص)، فقد استنزف الحقد من قريش كل ما كان يفاخر بها العرب من قيم ومروءة وأخلاق فمكروا مكرا كبارا (ليثبتوك أو يقتلوك أو يخرجوك).
وأجمع الملأ من قريش أن اقتلوه، فقد خابت نداءاتهم السابقة :لا تسمعوا لهذا القرآن وَلْغوا فيه لعلكم تغلبون، وقد راحوا يمشون بين الناس يأمرونهم التمسك بالأصنام :أن امشوا واصبروا على آلهتكم، لأن محمداً (ص) مضى بإرادة أقوى ينشر الضياء، ويبدد الظلمة.
وكانت الهجرة قد تقررت، وسبقه إليها جُلُّ أصحابه، لأن إقليمياً قَبِلَ أن يستقبل الرسول، وأن يناصره ورسالته، ليكون هذا الإقليم وطناً للدين الجديد.
فكانت يثرب الدولة . و الدولة: وطن، و شعب، و حكومة لها السيادة، و كانت المدينة المنورة (يثرب) الوطن، الذي فيه الشعب، والحكومة، أو السلطة ذات السيادة.
لم تكن رسالة محمد (ص) على مقولة: قل كلمتك وامْشِ، وإنما كانت رسالة ربانية لها شريعتها، وقوانينها التي تستهدف تحرير الأرض والإنسان من أنواع الطواغيت، لتقيم العدل والحرية، والمسـاواة، بحيث لا يطغى الإنسان على أخيه الإنسان، رسالة ذات أبعاد إنسانية، وحضارية، وقيمة علمية، وقد كانت.
إنه من غير المُتَأَتَّى أن يكون هناك مشروع حضاري بلا إقليم يبسط نفوذه فيه، ومن غير المعقول أن تؤدي رسالة وظيفتها من غير أن يكون لها وطن تطبق فيه شريعتها، وقوانينها، وتنفّذ أحكامها، وتنطلق منها في صنع التحولات الكبرى.
هل كان يمكن أن تطبق الفرائض الجماعية، أو الأحكام الشرعية في مكة؟ كلا، لأنها لم تكن قبل الفتح لتمثل وطنا للدين، ولا للسلطة، أو الحكومة.
لو كانت الرسالة على مقولة: قل كلمتك وامش، لبقي النبي الكريم في مكة المكرمة، يعظ عابـراً، وينصح مستكينا، ويهادن محاذرا، ولبقي قاعداً لا يُناهض منكرا، ولا يدل على معروف، كمن سبقه ممن سموا بالحنيفيين..!! ولما كانت هناك هجرة.
ولكنها كانت رسالة ربانية تغييرية، تسقط الطغيان، وتزيل الظلم، وتخلع الباطل، لتقيم الحق، والعدل والحرية، وإعادة صياغة بناء الإنسان.

أرسل هذا الخبر لأصدقائك على

ورد هذا الخبر في موقع صدى الساحل لقراءة تفاصيل الخبر من مصدرة اضغط هنا

اخر اخبار اليمن مباشر من أهم المصادر الاخبارية تجدونها على الرابط اخبار اليمن الان

© 2024 يمن فايب | تصميم سعد باصالح