النظام السوري يؤخر بالقصف جهود التقارب مع تركيا

٥٧ مشاهدة
يوحي سلوك النظام السوري حيال المبادرات التركية المتكررة للتقارب معه بأنه يحاول عرقلة هذه المبادرات بكل السبل المتاحة اعتقادا منه أن محصلة هذا التقارب مع تركيا لن تصب في مصلحته وقد تكون مدخلا إلى نهاية حكمه وفق التطورات التي قد ترافقها في وقت لاحق وفي إطار هذه العرقلة كما يبدو استهدفت قوات النظام السوري أمس الجمعة بخمس طائرات مسيرة انتحارية النقطة العسكرية التركية في قرية الصالحية والنقطة الأخرى في بلدة سرمين كما استهدفت مسيرات أخرى محيط بلدة سرمين ما أدى إلى تضرر سيارات مدنية وآليات زراعية للمدنيين من دون ورود معلومات عن خسائر بشرية فيما أسقطت القوات التركية إحدى المسيرات بعد استهدافها بالرشاشات وتتعرض المواقع التركية في سورية منذ أيام لاستهدافات مماثلة من جانب قوات النظام خاصة في مناطق شرقي إدلب حيث تنتشر المليشيات الإيرانية التي تقاتل إلى جانب قوات النظام وتعرضت أول من أمس الخميس دورية تابعة للقوات التركية لاستهداف مباشر بقذيفة مدفعية ورشقات بالرشاشات الثقيلة مصدرها مناطق سيطرة قوات النظام والمليشيات الإيرانية خلال تنقلها بين بلدتي النيرب وسرمين كما استهدفت طائرة مسيرة انتحارية يوم الأربعاء الماضي بوابة النقطة العسكرية التركية في قرية كدورة القريبة من بلدة دير سنبل في ريف إدلب الجنوبي فيما استهدفت طائرتان مسيرتان انتحاريتان إيرانيتا الصنع الثلاثاء الماضي نقطة عسكرية تركية في منطقة النيرب جنوب شرق إدلب ما أسفر عن احتراق خزانات وقود وتضرر آلية للجيش التركي وإصابة جنود التقارب مع تركيا واشتراطات النظام إلى جانب هذه التحرشات غير المعتادة بالقوات التركية من جانب قوات النظام والمليشيات الإيرانية المنتشرة معها خاصة يتمسك النظام السوري باشتراطاته القديمة بشأن التقارب مع تركيا وفي مقدمتها انسحاب القوات التركية من الأراضي السورية وتوقف أنقرة عن دعم فصائل المعارضة السورية الجيش الوطني برغم الليونة النسبية في خطاب النظام حيال تركيا والتي جاءت بضغط روسي كما هو واضح بلغ الضغط الروسي على النظام ذروته بزيارة الأسد إلى موسكو وبلغ الضغط الروسي ذروته من خلال زيارة رئيس النظام بشار الأسد إلى موسكو الأربعاء الماضي وهي التي لم يعلن عنها حتى أول من أمس الخميس وقال الجانبان إنها تناولت قضايا المنطقة والعلاقات الثنائية غير أن حقيقة أهداف الزيارة يرجح أن تتصل مباشرة بالجهود الروسية لدفع التقارب بين أنقرة ودمشق وصولا إلى ترتيب لقاء بين الأسد والرئيس التركي رجب طيب أردوغان برغم أن النظام السوري قال عبر وسائل إعلامه الرسمية أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لم يطلب من الأسد الاجتماع مع أردوغان ورأى الباحث في مركز جسور للدراسات وائل علوان في حديث مع العربي الجديد أن النظام السوري غير قادر على تقديم أي شيء لأي طرف لأن ذلك يشكل خطرا كبيرا على بنيته مشيرا إلى التجربة المماثلة لمحاولات التقارب العربي مع النظام حيث قدمت الدول العربية بعض الطلبات له مقابل هذا التقارب لكنه لم يستجب لأي منها وأعرب علوان عن اعتقاده بأن النظام غير قادر أيضا على الاستجابة للمطالب التركية حتى البسيطة منها مثل فتح معبر أبو الزندين في الشمال السوري وقال من يعيق فتح المعبر ليس تركيا أو المعارضة السورية لأن فتحه يشكل اعترافا من النظام بالوجود التركي وهذا لا يستطيع تقديمه بسبب الضغط الإيراني الذي يمنعه من تقديم أي شرعنة أو تفاعل إيجابي مع الوجود التركي في سورية خاصة المطلب التركي المتعلق بتعديل اتفاقية أضنة لعام 1998 وتتيح الاتفاقية للقوات التركية التوغل مسافة خمسة كيلومترات داخل الأراضي السورية لملاحقة المسلحين الأكراد وتريد تركيا تعديلها لتصل إلى عمق أكثر من 30 كيلومترا على طول الحدود المشتركة بين الجانبين والتي تصل الى نحو 800 كيلومتر وتابع علوان لذلك فإن النظام اليوم لا يقبل فتح المعابر ولا يقبل التقارب مع تركيا والتطبيع معها من دون جدولة الانسحاب التركي وهو غير قادر على مواجهة قوات سوريا الديمقراطية قسد في شرق سورية بسبب حمايتها من الولايات المتحدة ولن يكون جادا في محاربة قسد ولا في استقبال اللاجئين السوريين من تركيا لذلك يحجم عن الاستجابة إلى مبادرات التقارب مع تركيا في الوقت الحالي مشيرا إلى أن روسيا تدرك مخاوف النظام لكنها تريد تحقيق مكاسب سياسية وقتية من رعايتها لهذا التقارب بين النظام وتركيا من جانبه رأى الباحث في مركز جسور رشيد حوراني في حديث مع العربي الجديد أن النظام يعرقل التقارب مع تركيا بدفع من إيران مشيرا إلى أن إيران أبدت تخوفها من توسع النفوذ التركي في سورية منذ عملية غصن الزيتون مارس آذار 2018 ويدرك النظام أن إيران أكثر ثباتا من روسيا في ما يتعلق بمسألة رئاسة الجمهورية وأن يكون بشار الأسد على رأسها وهذه النقطة إحدى النقاط الخلافية بين روسيا وإيران منذ التدخل العسكري الروسي في سورية وأضاف حوراني أن النظام يتخوف أيضا من أن يقوده التقارب مع تركيا بضغط روسي إلى تعديل اتفاقية أضنة والسماح لتركيا بالدخول بعمق 30 كيلومترا في الأراضي السورية وهو ما يشرعن بالتالي تدخلها في سورية وليس بإمكانه لاحقا العمل على إخراجها سواء عسكريا بسبب تداعي قواته ولا سياسيا الدوافع التركية أما عن الدوافع التركية للتقارب مع النظام فهي ترتبط كما يبدو بتراجع حضور الملف السوري على الساحة الدولية بعد 13 سنة من الصراع وبروز أزمات أخرى أكثر سخونة ما ترك أنقرة وحيدة غارقة في رمال الأزمة السورية وباتت تبحث عن حلول حتى لو وصل الأمر إلى التخلي عن سياستها السابقة التي كانت تعتبر الأسد ديكتاتورا ومجرم حرب هشام غوناي تركيا تخشى من امتداد الانقسام السوري إلى الداخل التركي وقال الباحث التركي هشام غوناي في حديث مع العربي الجديد إن الدافع الأهم هو الهواجس الأمنية التركية حيث هناك تنظيم كردي مسلح أسس كينونة له في شرق سورية ويسعى إلى تأسيس دولة منفصلة وبرأيه فإن تركيا تخشى امتداد هذا الانقسام السوري إلى الداخل التركي وهو ما يجعل التقارب ضرورة من وجهة نظر تركية لمواجهة هذه المخاطر خاصة مع اتجاه العديد من دول المنطقة والعالم إلى التطبيع مع نظام الأسد أو على الأقل التعامل معه أمرا واقعا ويتعلق الدافع الآخر بسياسة الولايات المتحدة المعادية نوعا ما لتركيا خاصة في عهد الرئيس الأميركي جو بايدن الذي لم يزر تركيا طيلة عهده وهو ما دفع أنقرة إلى تعزيز علاقاتها مع روسيا في العلاقات الثنائية أو القضايا الإقليمية وفي مقدمتها الوضع في سورية أما الدافع الثالث فهو يتعلق وفق غوناي بتغيير أساسي في السياسة الخارجية التركية التي كانت تدعم المعارضة في بعض بلدان الربيع العربي مثل تونس ومصر وسورية وأدى فشل الربيع العربي في هذه البلدان إلى دفع أنقرة لتغيير سياستها والتقارب مع الأنظمة في الدول التي كانت تدعم المعارضة فيها وهو ما ينسحب أيضا على الوضع في سورية وفضلا عن هذه الدوافع رأى مراقبون أن تركيا تسعى إلى كسب غطاء شرعي لوجودها العسكري من خلال التنسيق مع النظام السوري في حال قررت تنفيذ عملية ضد قسد التي تسيطر على أبرز الثروات المحلية في شرق البلاد خاصة النفط والغاز والقمح والقطن وتسعى تركيا كما يبدو إلى محاكاة نموذج الاتفاقية الأمنية مع العراق التي أدت إلى تصنيف بغداد حزب العمال الكردستاني على أنه كيان إرهابي ومنع التنظيم من شن هجمات ضد تركيا انطلاقا من الأراضي العراقية غير أن المعضلة التي تواجهها تركيا في حال حصول تقدم فعلي في جهود التقارب مع نظام الأسد هي كيفية مواءمة سياستها الجديدة مع دعمها المعلن للمعارضة السورية التي تسيطر على نحو 10 من مساحة سورية شمالي البلاد وبعد موجة احتجاجات شعبية ضد هذه المساعي في تلك المناطق قدمت تركيا تطمينات إلى المعارضة والمجتمع المحلي في الشمال السوري بأن هذا التقارب لن يكون على حسابهم وأنها ما زالت ملتزمة بضرورة أن يكون حل القضية السورية وفقا للقرار الدولي 2254 الذي يتضمن العودة الآمنة للاجئين وتشكيل حكومة انتقالية يشارك فيها النظام والمعارضة وهذه مقاربة من غير الواضح مدة واقعيتها ومدة قدرة أنقرة على الالتزام بها

أرسل هذا الخبر لأصدقائك على

ورد هذا الخبر في موقع العربي الجديد لقراءة تفاصيل الخبر من مصدرة اضغط هنا

اخر اخبار اليمن مباشر من أهم المصادر الاخبارية تجدونها على الرابط اخبار اليمن الان

© 2024 يمن فايب | تصميم سعد باصالح