يبدأ العرض بشخص يخرج على الحضور ويطلب منهم إغلاق الهواتف المحمولة ما إن يقول ذلك حتى يدرك المتفرجون أن هذا جزء من العرض المسرحي وأن المسرحية بدأت فعلا فهذا الشخص لن يغادر المسرح بل سيبقى معهم وسيسرد عليهم على مدى ستين دقيقة قصته إنه إيروسترايس الإغريقي ولكن بنسخة معاصرة يخرج من جيبه عود ثقاب ويسرد على الحضور تفاصيل الحريق الذي أشعله في الحادي والعشرين من تموز يوليو من عام 356 ق م وكيف أشعله في معبد أرتميس في أفسس الذي كان من عجائب الدينا السبع القديمة سببه لفعل ذلك واضح ولا يتردد بالبوج به البحث عن الشهرة وتخليد اسمه عبر الأجيال هذه هي حبكة مسرحية على النار من تأليف المسرحي والشاعر الإسباني بابلو ماتشو أوتيرو وإخراج كل من كاتب النص والمخرجة إيما أركييي والتي يستمر عرضها على مسرح لا فياوريال في مدينة برشلونة حتى الثاني عشر من تموز يوليو الجاري مونولوغ بطل العمل الوحيد مزدوج فهو نص شعري ولكنه في الوقت نفسه نص مليء بالهجاء وألعاب الكلمات المسرحية وهذا سيساعده على لعب أكثر من دور في المسرحية حيث سينتقل من شخصية إلى أخرى تارة سيكون من أضرم اللهب في المعبد وتارة سيشكل محكمة ويكون القاضي كي يعاقب فاعل الجريمة وتارة ثالثة سيكون مجرد راو معاصر للأحداث يخرج من شخصية الإغريقي لكنه يتحدث عنها بفتنة وإعجاب لدرجة أن المتفرجين قد يشعرون بهوسه بها وفي لحظة من لحظات المسرحية ستندمج الشخصيتان إيروسترايس والرواي ولن يعرف الحضور حقا من ارتكب الجريمة يوظف الكاتب الإسباني الأسطورة الإغريقية من أجل نقد العديد من الأشياء في مجتمعاتنا المعاصرة بدءا من غرور الممثل نفسه وغرور الإنسان بشكل عام ورغبته في الشهرة والخلود وانتهاء بالعلاقات الاجتماعية والبني الفكرية والثقافية والسياسية السائدة في المجتمعات الأوروبية والقائمة على فكرة فعل أي شيء من أجل الشهرة ربما هذا ما يبرر ظهور الكثير من التطورات التكنولوجية واستخدامات وسائل التواصل الاجتماعي حيث يتحول الناس إلى مهرجين مستعدين للقيام بكل شيء من أجل الحصول على لايكات أو من أجل زيادة عدد المتابعين ينذرنا الكاتب الإسباني في مونولوغه أن النار قادمة وستأخذ معها كل شيء على غرار المعبد الإغريقي إذا ما واصلنا على هذا المنوال وينهي مسرحيته بسؤال يطرحه على الحضور هل سيبقى أحد منا إن لم نطفئ النار