الموت والحرية في ثلاث روايات فلسطينية

104 مشاهدة

بين الحياة والموت يتشكّل تاريخ الوجود البشري في أدوار متتابعة ليكون الفناء مساحة للراحة من تعب الحياة أو هروباً يائساً منها، كما يراها جون كيتس الشاعر المفتون بالموت. ولكنّنا في الشرق لا نملك هذه الرفاهية، ففي حمّى القتل والإبادة، تتحول المدينة إلى مقبرة كبيرة لا حدود لاتساعها، وهو المشهد الذي رسمه الكاتب الفلسطيني محمد جبعيتي في روايته لا بريد إلى غزة (دار الآداب، 2025)، إذ جعل شواهد قبور فاتحةَ كل فصل من فصول نصه، الذي انفتح على جحيم الواقع المتفجر في غزّة.

على مساحة الموت تتحرك شخوص النص، البطل الذي ورث عن أبيه مهنة حفر القبور بوصفها ختماً دمغ حياته منذ طفولته، وكلما زادت القبور ازدادت إمكانية العيش لدى أسرته، في مفارقة المعنى المتعاكس عندما يكون حفر القبور مهنة لسدّ حاجة الأفواه الجائعة، ودائماً الحياة مقابل الموت. لتكون الشخصية التي خلقها من ذاته، عطايا، تعبيراً عن ازدواجية يعيشها في البيئة المقيدة بسلطة الأب البطريركية، وتفوّق الأخ الأكبر في تناقض الشخصية غير المكتملة عبر صراع الخير والشر؛ صورة استدعاها من إيتالو كالفينو في رواية الفيسكونت المشطور.

ومن هنا، جاء نزوع البطل لتعلم لعبة الباركور، أو الوثابة، تعبيراً عن الانعتاق والحرية، وهي عبارة عن لعبة القفز عبر الأسطح والتلال والحُفَر، صعود ونزول في واقع متأرجح بين الحلم وهاجس الموت، إذ الحلم لعنتنا الأبدية التي لا نملك سواها، والباركور تجسيد عميق لنزوع روحه للحرية، ما يشابهه سعي نورا إلى رياضة ركوب الخيل، برغبة خفية للطيران فوق الواقع المثقل بالحصار والخوف والفاقة، وهو يمثّل شارة رمزية للتحرّر والانفلات من القيود، وكذلك طيران الجدّ الشيخ إلى السماء في نوع من التناصّ مع ريميديوس الجميلة في مئة عام من العزلة لغابرييل غارسيا ماركيز، أو فكرة بزوغ براعم الأجنحة لدى الأطفال برؤية مجازية تحملهم بعيداً عن الأرض.

اليأس هو المقبرة التي يشيّدها المرء داخل نفسه ليدفن مشاعره

تتعدد أشكال الموت من صواريخ الجحيم، لضحايا القصف والقبور الجماعية تحت الركام والأنقاض، لإصابات العمل، ليأتي التنكيل والتعذيب في المعتقلات

ارسال الخبر الى:

ورد هذا الخبر في موقع العربي الجديد لقراءة تفاصيل الخبر من مصدرة اضغط هنا

اخر اخبار اليمن مباشر من أهم المصادر الاخبارية تجدونها على الرابط اخبار اليمن الان

© 2016- 2025 يمن فايب | تصميم سعد باصالح