حين لا يكون الموت قضاء وقدرا

30 مشاهدة

قد يبكي الوطن ويحزن، كما يفرح ويبتسم، لكن العيب ليس في البكاء ذاته، بل في أن يكون سببه أوجاعاً من صُنع الإهمال والفساد، لا من حكم الأقدار. فليس عيباً أن تحزن الأوطان، غير أنّ المأساة الحقيقية أن يتحوّل حزنها إلى حالة دائمة، وأن يصبح بكاؤها ليلاً ونهاراً نتيجة ورمٍ خبيث ينخر جسدها دون توقف أو رحمة.

ورغم ما حقّقه المغرب من إنجازات، وما عرفه من لحظات فرح واعتزاز، فإن هذا الورم لم يعد مجرّد ظاهرة عابرة، بل تحوّل إلى آفة متجذّرة. فسادٌ عرفته البلاد منذ فجر الاستقلال، غير أنّه اليوم اتخذ لنفسه ملامح جديدة، واكتسب أشكالاً من الحضور العلني، بل يسير بخطى ثابتة نحو نيل المشروعية. وبلغة أهل القانون، يمكن القول إن الفساد عندنا بات يتمتّع بـشخصية اعتبارية، يتحرّك في وضح النهار دون خجل، ولا يشعر بحاجة إلى التخفّي أو التبرير، مستفيداً من بيئة خصبة وفّرتها له القوانين والمؤسسات، التي كان يفترض أن تكون أدوات ردع ومحاسبة، لا مظلّات حماية وتطبيع.

فاجعة فاس، التي وقعت ليلة التاسع من ديسمبر/كانون الأول الحالي، لم تكن حادثاً معزولاً ولا واقعة عرضية. السؤال الذي يفرض نفسه بإلحاح: أليست للفساد يدٌ في ما جرى؟ من راقب البنايات وحدّد الآيلة للسقوط منها، ومن منح شهادات الصلاحية للسكن؟ من سمح لمخالفات التعمير بأن تنتشر دون حسيب أو رقيب؟ المباني لم تنهَر بفعل زلزال أو إعصار، بل سقطت نتيجة إهمالٍ تراكمي بدأ في مرحلة ما، وسُكِت عنه في مراحل لاحقة، إلى أن تحوّل الصمت إلى شراكة غير معلنة في الجريمة.

وبالأمس القريب فقط، أضافت مدينة آسفي فاجعة جديدة إلى سجل الألم. فيضانات تسببت فيها أمطار، أسفرت عن مصرع سبعة وثلاثين شخصاً، مع حصيلة مرشّحة للارتفاع، فضلاً عن خسائر مادية جسيمة، وتوقيف الدراسة بالمدينة ونواحيها. مرة أخرى، لم يكن ما حدث زلزالاً ولا إعصاراً، بل مطراً كشف هشاشة البنية التحتية، وفضح اختلالات التخطيط العمراني، وسوء تدبير شبكات الصرف الصحي، وغياب الاستباق وتحمل المسؤولية. فهل كانت هذه

ارسال الخبر الى:

ورد هذا الخبر في موقع العربي الجديد لقراءة تفاصيل الخبر من مصدرة اضغط هنا

اخر اخبار اليمن مباشر من أهم المصادر الاخبارية تجدونها على الرابط اخبار اليمن الان

© 2016- 2025 يمن فايب | تصميم سعد باصالح