إرث الموت ألغام داعش وإسرائيل تترصد أهالي سيناء
نجحت عمليات تطهير الصحراء الغربية المصرية من الألغام، بينما الوضع في سيناء أكثر تعقيداً، لماذا؟ هذا ما يجيب عنه تحقيق يستقصي طبيعة فخاخ الموت وخطرها على الباحثين عن الحياة.
- بصوت مثقل بالوجع، يستعيد سليطين سالمان، المعلم في مدرسة مدينة بئر العبد الثانوية الصناعية، في محافظة شمال سيناء، مشاهد أليمة للحظات مأساوية، كان أولها في 5 مارس/آذار 2021 حين كانت العائلة في طريقها لتفقّد مزرعتها بمنطقة تفاحة، جنوبي المدينة، بعد عام كامل من الإغلاق العسكري للمنطقة، من أجل مجابهة إرهابيي تنظيم ولاية سيناء الذين تحصنوا بها في يوليو/تموز 2020، لشنّ هجمات على قوات الجيش، ما أدى إلى نزوح العائلات.
لم نكن نعلم أن خطوتنا القادمة ستوقعنا في فخ مميت، إذ انفجر جسم غريب، ما أدى إلى مقتل طفلين من الأسرة، هما ابني محمد، وابن شقيقي عبد الرحمن، يتحدث سالمان ويده قد أمسكت بقدمه لا شعورياً مضيفاً: عند الانفجار شعرت بألم حاد في ساقي وذراعي، وكذلك شقيقي سليمان.
جروح بالغة أصابت الشقيقين، نُقلا على أثرها إلى مستشفى بئر العبد التخصصي (حكومي)، حيث خضعا لعمليات جراحية دقيقة في الساق والذراع، لكن الفاجعة الكبرى كانت مصير الطفلين. وكل هذا عمّق من جرح لم يندمل في قلب سالمان، إثر مقتل صديقه عساف العميري في 8 يناير/كانون الثاني 2021، بعد أن عاد إلى مزرعته في القرية ذاتها، ظناً بأن صمت الرصاص يعني أن الحياة قد رجعت إلى طبيعتها، فقد كان يحنّ إلى نخيله وأرضه، دون أن يعلم أن الموت يترصد خطاه، ليهاجمه عبر لغم أرضي انفجر تحت قدميه، ما أحال فرحة عودته المنتظرة إلى ألم وداع أخير، يقول سالمان بغصة جعلته يطلق سؤالاً موجعاً: إلى متى تبقى هذه الأرض مفخخة بالموت؟.
موت لم يوفر أحداً، إذ تشير تقديرات وزارة الصحة في محافظة شمال سيناء إلى استشهاد ما لا يقل عن 1500 من أفراد الجيش والشرطة بين عامي 2013 و2023، وأكثر من 900 مدني، بينهم أطفال ونساء، قضوا نتيجة تفجيرات أو اشتباكات قرب مناطق سكنية
ارسال الخبر الى: