الملف الإنساني أساس للسلام

بات من الواضح أن الوصول إلى نقطة البداية للمفاوضات التي يعمل المبعوثون الأمميون منذ سنوات على انعقادها بين الشرعية وجماعة أنصار الله الحوثية، يواجه عقبات كثيرة وخطرة، ليس فقط فقدان الثقة بين اليمنيين وإنما أيضاً عدم جدية الأطراف المحلية في تقديم أي تنازلات كبرى، وانحراف الصراع بينها بعيداً من مصالح الناس وأمنهم وسلمهم الاجتماعي واستقرار حياتهم.
من مآسي الحرب اليمنية أنها تسببت في تهشيم المجتمع وتفتيته على كل المستويات، ما يجعل من الصعب حتى مجرد الظن بأن الدخول في مشاورات أو مفاوضات بين الأطراف اليمنية المتحاربة بات أمراً قريباً، لأنها مع تعاظم أهدافها المتناقضة وتقلص شعورهم بالمسؤولية الأخلاقية والوطنية يصعب كيف يمكن ردم الهوة بالسرعة التي يتمناها المواطنون، ولهذا فمن الحكمة التركيز على الجوانب الإنسانية التي تهم كل بيت يمني والسعي إلى تحسين حياته اليومية.
من مظاهر الاختلالات في الأولويات الوطنية الحماس الظاهر لـالجماعة للدخول في حوارات مع الحكومة السعودية التي في المقابل أظهرت استعدادها وقدمت تنازلاً غير مسبوق بالتفاوض المباشر من داخل صنعاء، وكان هدف الرياض من وراء ذلك هو كسر الجمود الذي أفشل كل المساعي السابقة، ولا شك أن الرغبة الأكيدة للدخول في مفاوضات مع الرياض برعاية ووساطة سلطنة عمان أمر إيجابي، لكن المؤسف أنها في الوقت نفسه ترفض الجلوس من دون شروط على طاولة واحدة مع خصومها اليمنيين، بل إنها لا تعتبرهم شركاء في الوطن.
هناك اختلال آخر مربك للمشهد في صفوف الشرعية هو غياب مرجعية متفق عليها بين أطرافها، وعلى رغم المساعي التي بذلتها الرياض للتخفيف من التجاذبات بينها إلا أن المواقف لم تتبدل، وهذه عقبة ستظهر آثارها في حال تشكيل وفد مفاوض وإن كان الأمر بعيداً جداً لأن المجلس الانتقالي فرض نفسه كممثل رسمي لما كان يعرف بالقضية الجنوبية وتحولت إلى قضية شعب، ويرى أن اعتباراته مختلفة عن بقية مكونات المجلس بل إنها لا تتوافق من حيث أولوياتها.
وهكذا تستثمر الجماعة ضعف الشرعية وما تعانيه من ارتباك وخلل بنيوي، لكنهما على رغم كل ذلك تشتركان
ارسال الخبر الى: