الملف 137 تشريح سينمائي لعنف بوليسي

بدءاً من تركيبة العنوان، الملفّ 137، يعطي جديد دومينيك مولّ، المشارك في مسابقة الدورة الـ78 (13 ـ 24 مايو/ أيار 2025) لمهرجان كانّ، الانطباع بأنّه سيحمل تنويعاً على شكل فيلمه السابق ليلة الـ12 (2022) ومضمونه. نقاط مشتركة كثيرة تجمع بين الفيلمين: كلاهما بوليسي، ينطلق من قصة واقعية عن حادث مأسوي، يقع في مركز الحكي، ويُمثلّ مصدر هوس محقّق عنيد ومصمّم على حلّ القضية. في جديده، هناك ستفاني (ليا دروكر)، ضابطةٌ في المفتّشية العامة للشرطة الوطنية (يُصطلح على تسميتها بـشرطة الشرطة)، تُكلَّف بالتحقيق في قضية إصابة شاب بجروح خطرة، جرّاء طلقة نارية من بندقية فلاش بول، أثناء مظاهرة لحركة السترات الصفراء في فرنسا.

لوهلة، يبدو الملفّ 137 سياسياً أكثر من ليلة الـ12، نظراً إلى حمولة حركة السترات الصفراء بالوضع الاجتماعي في فرنسا. لكن قوة طرح الفيلمين وتأثيرهما السياسي يكمنان في باعث آخر متخفٍ في خلفية الحكي: اكتشاف المجتمع الفرنسي، مُمثّلا في شخصيات ثانوية يقابلها المحقّقون، شهوداً ومتّهمين محتملين، ترسم بتنوّعها واختلاف انتماءاتها صورة إشعاعية لواقع معقّد، وصراع خفيّ بين قوى متباينة، عبرها يقبض السيناريو على واقع فئة مغيّبة من الفرنسيين انتظمت في حركة نضالية شعبية دامت شهوراً، إثر تهاوي قدرتها الشرائية جرّاء سياسة جبائية مجحفة، وارتفاع أسعار المحروقات.

يتقدّم التحقيق، ويأخذ تدريجياً حيزاً أكبر من تركيز ستفاني. ينسج السيناريو (جيل مارسان ومولّ) تقاطعات مع حياتها الشخصية كمُطلّقة ووالدة مراهق، خاصةً أنّ طليقها ورفيقته ينتميان إلى الشرطة، وينظران شزراً إلى إصرارها على تحديد المسؤوليات في حادث إصابة الشاب، بينما يَصِمُ زملاء المراهق في المدرسة عمل أمّه بأقبح الأوصاف، مثل ACAB (جميع الشرطيين أوغاد).

منحى هوس المحقّقة بتحقيق العدالة، مهما اقتضى الأمر منها، أساسي في الحكي، وفيه تلميحٌ إلى أن الملفّ كان يُمكن أنْ يُغلق، وتُعزى المسؤولية إلى مجهول على الأرجح، لولا انعطافة ندين بها لإصرار ستفاني، وحدس غريب تملّكها بأنّ عاملة تنظيفٍ (أبدعت في أدائها الممثلة الكاريزمية غوسلاجي مالاندا، المشاركة في رائعة سانت أومير لأليس ديوب عام 2022) تشتغل