المكتبات في العالم القديم تاريخ كتب بالتراب
كيف نشأت المكتبات في العالم القديم؟ وما هي الوظائف التي كانت تضطلع بها في المجتمع من الألفية الثالثة قبل الميلاد وحتى بدايات العصر البيزنطي؟ وما أثر الدين، مثل المسيحية، على تطورها وتنظيمها، وكيف استطاع الباحثون اليوم إعادة بناء صورة هذه المكتبات رغم قلة المصادر المكتوبة المتاحة؟ هذه الأسئلة يحاول كتاب المكتبات في العالم القديم للباحث الأميركي الراحل ليونيل كاسون، الإجابة عنها عبر دراسة شاملة لتاريخ المكتبات منذ أقدم العصور حتى القرن الخامس الميلادي.
يركز الكتاب، الصادر عن منشورات جدل في الكويت، بترجمة أنجزها منير عليمي، على تطور المكتبات ووظائفها الثقافية والاجتماعية، حيث يستند إلى علم الآثار ودراسة النقوش والمراسيم لتعويض قلة المصادر المباشرة، كما يتناول كيفية إدارة الكتب وفهرستها وجمعها، إضافة إلى الدور الرمزي والديني والاجتماعي الذي لعبته المكتبات.
ظاهرة حضارية أسسها السومريون وطوّرتها أثينا والإسكندرية
وينطلق الكتاب من مكتبات الشرق الأدنى القديم، مثل تلك التي أنشأها السومريون والفراعنة، مستخدمين مواد كالطين والبردي للكتابة، مروراً بتأثير الأكاديين والبابليين على تطور الكتابة المسمارية وانتشار الأدب السومري. كما يتناول مؤسسات ملكية مثل مكتبة تغلث فلاسر الأول في آشور، ومكتبة آشور بانيبال في نينوى، التي جمعت مئات الألواح الطينية واحتوت على ملحمة جلجامش وأعمال أخرى. وبالانتقال إلى الإغريق نجد تحولاً جوهرياً في مفهوم حفظ المعرفة، إذ انتقلوا من سجلات القصور الإدارية المحدودة في العصر المسيني (1600- 1200 ق.م) إلى تأسيس نواة المكتبة بالمعنى الأقرب إلى ما نعرفه اليوم.
لكن تجربة المكتبة في العصر القديم لم تبلغ ذروتها إلا مع تأسيس مكتبة الإسكندرية نحو 300 ق.م، أول مكتبة عامة كبرى تجمع مختلف العلوم والآداب وتفتح أبوابها للباحثين. أدارها علماء بارزون مثل زينودوت الذي وضع أسس التصنيف الأبجدي والتنظيم الموضوعي. تزامن ذلك مع قيام مكتبات ملكية أخرى مثل أنطاكية وبيرغامون، التي ألحقت بمعبد أثينا وصارت مركزاً للفكر إلى جانب الإسكندرية.
كذلك ساهمت
ارسال الخبر الى: