المقاومة شمال غزة كل الوسائل وصولا للعمليات الاستشهادية
٤٣ مشاهدة
تأخذ المعارك العسكرية شمالي قطاع غزة بين المقاومة الفلسطينية وجيش الاحتلال الإسرائيلي شكلا مختلفا مع دخول العملية البرية في هذه المنطقة الشهر الثالث على التوالي في ظل حرب الإبادة الإسرائيلية على القطاع المتواصلة للشهر الـ15 ومع اشتداد وتيرة المعارك التي تخوضها الأذرع العسكرية للمقاومة وتحديدا كتائب القسام وسرايا القدس ذراعا حركتي حماس والجهاد الإسلامي العسكريتان فإن الأشكال الجديدة لهذه المعارك لا سيما في شمال غزة المحاصر تعكس الواقعية التي عليها الحرب في ظل غياب الإسناد العسكري لقوى المقاومة وتعبر إعلانات الأذرع العسكرية للمقاومة عن واقع الميدان المتمثل في حضور كل أدوات الاشتباك والعمل العسكري خلال العمليات والتي كان آخرها الإعلان بوضوح عن تنفيذ عملية طعن ثم الإعلان عن عملية استشهادية بحزام ناسف في صفوف قوة إسرائيلية راجلة يوم الجمعة الماضي بمخيم جباليا للاجئين الفلسطينيين شمالي القطاع بالإضافة إلى ذلك تحضر عمليات القتال المعتادة التي تقوم على عمليات نسف المباني التي يوجد بها جنود الاحتلال إلى جانب تلك التي تقوم على عمليات استهداف القوات الإسرائيلية عبر قذائف ياسين 105 وآر بي جي وغيرها من الأسلحة التي تستخدم مضادات للدروع والأفراد إلى جانب العبوات الناسفة وعلى الرغم من مضي أكثر من 440 يوما على الحرب في قطاع غزة فإن المقاومة الفلسطينية ما تزال حاضرة وإن بشكل أقل وتعمل بين فترة وأخرى على استخدام جميع السبل والوسائل المتاحة والمحدودة في الغالب لمواصلة القتال والمعارك في ظل استمرار الحرب وتكتسب المعارك في شمال غزة رونقا خاصا وسط اغتيال الاحتلال سلسلة من القياديين البارزين في كتائب القسام على رأسهم قائد اللواء الشمال أحمد الغندور والقادة الميدانيين وائل رجب ورأفت سلمان وأيمن صيام وغيرهم غير أن المقاومة واصلت القتال في شمال غزة خلال مواجهتين بعد ذلك هما توغل شهر مايو أيار ويونيو حزيران 2024 والتوغل الأخير الذي بدأ في الخامس من أكتوبر تشرين الأول الماضي والذي يتواصل للشهر الثالث على التوالي وتستند المقاومة إلى استراتيجية ترتكز على سياسة ترشيد المواجهات واتباع أسلوب حرب العصابات الذي يقوم على زمر قتالية محدودة تعمل على تنفيذ كمائن قاتلة في صفوف جنود الاحتلال وضباطه وآلياته وتعتبر عملية شمال غزة الأخيرة فارقة مقارنة مع غيرها من المعارك مع الاحتلال الإسرائيلي إذ بلغ عدد قتلاه في المعركتين الأولى أكتوبر 2023 والثانية مايو الماضي في شمال غزة نحو 20 قتيلا وعشرات الإصابات فيما اعترف الاحتلال في المعركة التي بدأت قبل أكثر من شهرين حتى الآن بمقتل 35 جنديا وضابطا بالإضافة لعشرات الإصابات في صفوفه في حين تقول حركة حماس إن ذراعها العسكري قتل إلى الآن 60 جنديا وضابطا في العملية المتواصلة وتعكس الكثير من مقاطع الفيديو التي تنشرها كتائب القسام وسرايا القدس الإمكانيات البسيطة التي تستخدمها المقاومة في الشهور الأخيرة والتي يستند بعضها على مخلفات الاحتلال عبر الهندسة العكسية لاستهداف جنود الاحتلال وقواته العاملة في الميدان وإيقاع أكبر قدر ممكن من الخسائر وهو ما تعكسه المعارك في جباليا شمال غزة أحمد الطناني تمارس المقاومة سياسة الاستنزاف الأقصى للاحتلال مقابل تقنين استنزاف قدراتها نموذج متقدم لحرب المدن يقول مدير مركز عروبة للأبحاث والدراسات الاستراتيجية أحمد الطناني إن المقاومة تخوض نموذجا متقدما من حرب المدن الذي يستهدف إيقاع أكبر قدر ممكن من الخسائر في الجيش المقتحم لمخيم جباليا بدرجة أساسية وعبره إلى مناطق شمال القطاع إذ تختار المقاومة متى تضرب وكيف تضرب بحيث توقع أكبر قدر ممكن من الخسائر في قوات الاحتلال ويضيف الطناني في حديث لـالعربي الجديد أن نمط وأماكن كمائن المقاومة يؤكد أنها تشغل عقدها القتالية خلايا صغيرة من المقاومين وفق قاعدة الاستنزاف الأقصى للاحتلال وتقنين الاستنزاف لقدراتها التسليحية التي باتت في أقصى درجات استنزافها بعد أكثر من 14 شهرا من الحرب المستمرة والحصار المشدد على قطاع غزة ووفق الطناني فإن المقاطع المصورة الخارجة من مواقع القتال شمال غزة تؤكد العديد من المعطيات أهمها أن المقاومة لا تزال تتمتع بقدرات القيادة والسيطرة والقدرة على الاستطلاع الاستخباري في الميدان وتحديد الأولويات العملياتية وأماكن الهجوم الأجدى ويوضح أن ذلك يتحقق وفق اتصال مباشر بين قيادة العمليات والعقد القتالية ومن ثم التغذية الراجعة بالتبليغ عن النشاط العملياتي ونتائجه وتوصيل المادة المصورة لافتا إلى أن كل هذا بعد أكثر من 75 يوما من استخدام كل أدوات العدوان والقصف والتفجير والإجهاز على كل مقومات الحياة البشرية في شمال غزة ويشير الطناني إلى أن عمليات المقاومة الأخيرة وخصوصا عمليتا الطعن والعملية الاستشهادية في مخيم جباليا بقدر ما تعكس حجم الاستنزاف في القدرات التسليحية للمقاومة ولجوئها لأدوات وأشكال أخرى للقتال والمواجهة واستنزاف قوات الاحتلال طالما بقيت متمركزة في الأحياء والأزقة فإنها من جانب آخر تعكس شكل وطبيعة ما سيكون عليه الحال في حال قررت دولة الاحتلال فرض السيطرة العسكرية على قطاع غزة وتوسيع وجود جيش الاحتلال على الأرض وتوليه مهام ذات طبيعة مدنية تتضمن تواصلا مباشرا مع السكان ويرى الطناني أن العودة لنماذج الطعن والعمليات الاستشهادية يعكس نموذجا مكثفا حول حجم الثمن الدموي لكل يوم من أيام بقاء جيش الاحتلال على أراضي القطاع وبالتالي استحضار شكل وطبيعة الانخراط الشعبي الأوسع في عمليات مقاومة شعبية تستنزف الاحتلال إلى حده الأقصى عمليات لافتة شمال غزة من جانبه يقول الكاتب والمحلل السياسي إياد القرا إن ما يجري في مناطق القتال شمال غزة المحاصر هو أمر مثير للاهتمام بالذات مع استمرار الإبادة التي يشنها الاحتلال الإسرائيلي للشهر الثالث على التوالي فيما تتواصل عمليات المقاومة بكافة السبل ويوضح في حديث لـالعربي الجديد أن العمليات الأخيرة للمقاومة تعكس احتكاكا مباشرا بين المقاومين وجنود الاحتلال على اعتبار أن الجيش منتشر وموجود في مناطق عدة في منطقة مخيم جباليا وشمالي القطاع إياد القرا ما يحدث في جباليا يأخذ شكل الاحتكاك المباشر بين المقاومين والاحتلال ويلفت إلى أنه من الواضح أن المقاومة تستخدم عمليات لم يسبق أن استخدمتها في مناطق أخرى مثل عمليات الطعن وعمليات التفخيخ والأحزمة الناسفة وهو دلالة واضحة على أن ما يحدث في جباليا يأخذ شكل الاحتكاك المباشر بين المقاومين والاحتلال ويشير إلى أن ما يحدث ليس بالضرورة أنه يعكس حالة النقص في المعدات العسكرية أو التجهيزات بقدر عدم تطلب هذا النوع من العمليات أن يكون السلاح المستخدم نوعيا وكبيرا وإنما الاعتماد على القرب من الجيش والاحتكاك به وباعتقاد القرا فإن استمرار هذه الحالة في جباليا وحالة الخسائر هي بمثابة عنصر ضاغط على الاحتلال خصوصا أنه من الناحية العملية لم يعد هناك أهداف في منطقة جباليا وشمالي القطاع سوى التدمير والمواجهة المباشرة بعد أن هجر جزء كبير من المواطنين بالذات من منطقة جباليا وبيت لاهيا